ياسر حمدي يكتب: القرارات الاقتصادية.. الدواء المر
ADVERTISEMENT
يوم الإثنين الماضي قررت الحكومة إعداد وتنفيذ حزمة من الإجراءات المالية والحماية الإجتماعية بقيمة ١٣٠ مليار جنيه، للتعامل مع تداعيات التحديات الإقتصادية العالمية، الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتخفيف آثارها على المواطنين، خصوصًا محدودي الدخل.
وتتضمن تلك الحزمة تدبير ٢.٧ مليار جنيه لضم ٤٥٠ ألف أسرة جديدة للمستفيدين من برنامج الدعم النقدي «تكافل وكرامة»، وتخصيص ١٩٠.٥ مليار جنيه للهيئة القومية للتأمين الإجتماعي، من أجل صرف الزيادة السنوية في قيمة المعاشات بنسبة ١٣٪ بحد أدنى ١٢٠ جنيهًا، بدءًا من أول أبريل المقبل. كما تضمنت أيضاً زيادة حد الإعفاء الضريبي بنسبة ٢٥٪، وذلك من ٢٤ إلى ٣٠ ألف جنيه، وزيادة العلاوة الدورية للمخاطبين بالخدمة المدنية بنسبة ٨٪ من الأجر الوظيفي بحد أدنى ١٠٠ جنيه شهريًا، ومنح غير المخاطبين علاوة خاصة، بدءًا من أبريل للقرارين، إلى جانب مجموعة أخرى من القرارات.
ندرك جميعًا أننا نحتاج لتناول بعض العلاج المر في هذه المرحلة الحرجة، كي نتخطى هذه الأزمة العالمية، وفي هذا الإطار؛ رفع البنك المركزي سعر الفائدة وخفض قيمة الجنيه بنسبة 14%؛ وجاءت هذه القرارات لمواجهة تلك الضغوط التضخمية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا وحرب روسيا في أوكرانيا، والتي أدت لارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، وأسعار العديد من سلاسل الغذاء، ولعل أبرزها إرتفاع سعر القمح.
في واقع الأمر جاءت قرارات البنك المركزي، التي أصدرها الإثنين الماضي، من رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 100 نقطة ليصل إلى 9.75 %، وتصحيح سعر الجنيه المصري أمام الدولار ليصل سعر الدولار إلى 18.35، لتحدث مخاوف بشأن الآثار السلبية التي قد تنعكس على المواطنين بعد إنخفاض قيمة الجنيه، وزادت من حدة التوتر والقلق، لكن الدولة في هذا الإطار عملت بالمثل الذي يقول المضطر يركب الصعب، فلم يكن أمامها خيار غير ذلك، فهي مجبرة على تلك القرارت.
وللموضوعية دار نقاش بيني وبين صديق بالأمس؛ وهو خبير إقتصادي كبير ومعروف؛ حول هذه الحزمة وتلك القرارات الصادرة عن البنك المركزي، وأكد لي أنه رغم الآثار السلبية التي قد تجنيها القرارات فإنها قد تحمل العديد من الآثار الإيجابية على الإقتصاد المصري، على حد قوله.
وحسب خبير الإقتصاد، قال أنه يمكن أن تتركز تلك الآثار الإيجابية في 10 فوائد رئيسية أبرزها: تباطؤ في وتيرة أتساع عجز الحساب الجاري، ومكافحة الضغوط التضخمية، ودعم الأصول المقومة بالجنيه، وزيادة التدفقات الإستثمارية، وزيادة تحويلات العاملين بالخارج، وزيادة جاذبية السوق المصري أمام المستثمرين الدوليين.
لكن السؤال المهم والذي يطرح نفسه بقوة الآن: متى سيشعر المواطن بالنتيجة الإيجابية لهذه القرارات؟ وهو الأمر الأهم.. وبحسب ما أكده لي الخبير الإقتصادي، فإن المواطنين سيشعرون على المديين القصير والفوري، بالأثر الإيجابي للقرارات التي اتخذتها الحكومة للتخفيف من الآثار الجانبية على المستهلكين، وكذلك الإستثمارات في البورصة المصرية، وقال إن رفع سعر الفائدة معناه أن البنك المركزي يرد أن يسيطر على التضخم وارتفاع الأسعار، عن طريق تشجيع المواطنين أن يضعوا نقودهم في البنوك كي يستفيدوا من الفائدة الكبيرة، وبالتالي حركة الصرف تقل، ومنه الأسعار تستقر بدل ما ترتفع.
والسؤال الأهم: هل تنجح إجراءات الحكومة في الحد من التضخم وارتفاع الأسعار؟.. والحقيقة أرى أن كل تلك القرارات تعد مسكنات آنية للتعامل مع الأزمة الحالية، لأن الحلول الدائمة تتطلب تغيير السياسات نحو التوسع في زراعة المحاصيل الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل فاتورة الإستيراد، إلى جانب توفير المزيد من فرص العمل المنتجة.
وأخيراً لابد على مؤسسات الإعلام العمل على زيادة وعي المصريين بتوضيح أبعاد الأزمة عالمياً، وتأثيراتها محلياً، وأين نحن مما يحدث؟، ولماذا تتخذ مثل هذه الإجراءات؟ لاستيعاب الصدمات، والأهم ضرورة الثقة في المؤسسات الوطنية المصرية، وخبراتها الراسخة من جيل إلى جيل، وهي المؤسسات التي تمثلنا جميعاً ونفخر بها، وقدرتها على تجاوز الأزمة بدعم وتفهم المجتمع المصري، كما حدث وتخطت أزمة الإصلاح الإقتصادي وتعويم الجنيه.