تحت عنوان 'التكيُّف الانتقالي – مدخلٌ لمواجهة التغيُّر المُناخي" دراسة تقدم حلول لمواجهة التغير المناخي
ADVERTISEMENT
تناولت دراسة تحمل عنوان 'التكيُّف الانتقالي – مدخلٌ لمواجهة التغيُّر المُناخي" أعدتها الدكتورة هاجر محمد أحمد عبدالنبي، باحث دكتوراة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، ومنشورة في المركز الديمقراطي العربي أزمة التغير المناخي وكيف يُمكن لمصر أن تقود العالم بصدد سياسات “التكيُّف الانتقالي”، في ضوء امتلاكها لأكثر مصادر الطاقة جذبًا للعالم؛ وهو الغاز الطبيعي “المُسال” الذي بات أبرز أسلحة الضغط السياسي والاقتصادي حديثًا؛ بسبب تعاظُم أهميته على الصعيدين الاقتصادي والبيئي.
ومن جانبها أكدت هاجر محمد ، أن العالم يتحدث بأسره عن التغيُّر المُناخي باعتباره الملف الأكثر إلحاحًا، والمُهيمن الرئيس على سياسات، الدول وتوجُّهاتها، واستراتيجياتها خلال الفترة الراهنة، في محاولة واضحة لإنقاذ الكوكب، لا سيّما بعد أن شرعت الظواهر المناخية الكارثية في الظهور.
وأضافت الدراسة، أنه تتصاعد تصريحات قادة العالم من كلِ حدبٍ وصوب، وتُعقَد القمم الأممية الكبرى للخروج بأهداف طموحة من شأنِها الحدّ من التغيُّرات المُناخية، والحفاظ على درجة حرارة الأرض عند أدناها، بيد أنّ متطلبات النمو الاقتصادي، والتنمية الصناعية، والتطوُّر التكنولوجي العالمي المُتسارِع، يجعل تحقيق تلك الأهداف ليس بالأمر القريب، والأكثر من ذلك أنّ الأوضاع غدت تزداد سوءًا يومًا بعد يوم.
تحت عنوان 'التكيُّف الانتقالي – مدخلٌ لمواجهة التغيُّر المُناخي" دراسة تقدم حلول لمواجهة التغير المناخي
وتناولت الدراسة أكثر من منظور لعدد من المحللين حول هذه الأزمة حيث أكدت أن منهم من يرتأي ضرورة الانتقال السريع إلى الاعتماد الكلّي على مصادر الطاقة المتجددة في كافّة المجالات، ومنهم من يؤكِّد صعوبة تحقيق ذلك في المستقبَل المنظور، وإن الأمر يتطلَّب عقودًا من الاستثمارات، وتعزيز الجاهزية الخاصة بالبنى التحتية، والبيئة التمكينية بشكلٍ عام، مع الإشارة إلى انّ المصادر المتجددة للطاقة؛ كطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، “غير جاذبة” اقتصاديًا ولا تحقِّق هامش ربح كبير للمستثمرين. وفي خضم ذلك الجدل؛ ظهر فريق ينادي بضرورة تضمين عنصر “التكيُّف” الذي يُشير إلى انتهاج ممارسات، وتبنّي آليات تستهدف الاستعداد لآثار التُغيُّر المُناخي والتأقلُم معه، ما يعني، ضمنيًا، الاعتراف بصعوبة التصدي لذلك التغيُّر أو الحدّ منه على المدى القريب.
وأشارت الباحثة في دراستها أن ثمّة فريق رابع أبرز إمكانية اللجوء إلى “حل وسط” يجمع بين الحفاظ على البيئة، وتقليل البصمة الكربونية للعمليات الاقتصادية والممارسات البشرية من ناحية، والاعتماد على مصادر الطاقة المُتاحة الآن، والصديقة للبيئة -خاصةً الغاز الطبيعي- بدرجة أكبر من غيرها من ناحيةٍ أخرى، حتى يتسنّى الانتقال إلى الاعتماد الموثوق على المصادر المتجددة للطاقة. ويتبنّى المقال ذلك الاتجاه، ويُعرِّفه بالاتجاه الداعم لـ “التكيُّف الانتقالي“، ويُقصد به “الاعتماد على الإمكانات المتاحة وتكييفها، بما يُسهم في الحدّ من تفاقُم أزمة التغيُّر المُناخي؛ حتى تتسنّى مُعالجة تحديات استخدام الطاقة المتجددة كمصدر موثوق للطاقة“، من خلال تكييف السياسات الحكومية والدولية مع أهداف الانتقال التدريجي بعيدًا عن المصادر الأكثر تلويثًا للبيئة.
تعزيز الدور المصري في سوق الغاز العالمي
وقدمت الدراسة عدد من التوصيات، حيث أكدت أنه يُمكِن لمصر أن تعزِّز دورها في سوق الغاز العالمي، وتدعم قدرتها على تحقيق “التكيُّف الانتقالي” محليًا وعالميًا. فمِن خلال دورها القيادي في “منتدى غاز شرق المتوسط” يجب أن تدأب الدولة المصرية على جعل الغاز المسال أكثر تنافسية وتفوُّق على المنافسين في السوق العالمية، فضلًا عن تحسين تنافُسية الأسعار عند رأس البئر. كما يُمكن لمصر أن تتبادل الخبرات مع الولايات المتحدة الأمريكية التي انضمت إلى المنتدى بصفة “مُراقِب”؛ حيث أصبحت الأخيرة أكبر مُصدِّر للغاز الطبيعي المُسال، مؤخرًا، من خلال قدرتها على إنتاج الغاز الصخري، وفي سياق حرصها على ضمان إمدادات موثوقة إلى أوروبا بمنأى عن روسيا، فمِن المُرجَّح أن تولي الولايات المتحدة اهتمامًا كبيرًا إلى زيادة إنتاجية الغاز في منتدى شرق المتوسط بالتعاون مع مصر؛ حتى تتمكن خلال سنوات قليلة قادمة من المنافسة في السوق الأوروبية.
كما أنه يُمكِن لمصر أيضًا من خلال عضويتها في “منتدى الدول المصدرة للغاز” وفق للدراسة تبادُل الخبرات الناجحة، وعقد الشراكات التي مِن شأنها تعزيز القدرة المصرية على تصدير الغاز المُسال. ويجب على المسؤولين المصريين عدم تقييد عمليات بيع الغاز جميعها، وفقًا للعقود طويلة الأجل فحسب، حتى يتسنى تصدير الغاز بشكلٍ فوري للمناطق التي تعاني نقصًا حادًا، وهذا ما يتطلبه دور القيادة العالمية بشأن “التكيُّف الانتقالي”.
واختتمت الدراسة التي أعدتها الدكتورة هاجر محمد بالاشارة إلى أنه اتصالًا، مِن شأن رفع القدرات الإنتاجية للغاز الطبيعي في مصر، وتعظيم الاستثمارات في مشروعات تسييل الغاز وتصديره إلى أوروبا، أن يُحقق لمصر مصدرًا موثوقًا للدخل القومي، يُمكن توجيهه صوب الاستثمار طويل الأجل في الطاقة المتجددة، بدلًا من توجيه الأموال حاليًا إلى مشروعات “الهيدروجين الأخضر”، التي أثبتت الدراسات أنها تتطلب عقودًا كي تؤتي ثمارها بيئيًا، وتُسهِم في خفض الانبعاثات. فبموجب تحليل التكلفة والعائد؛ بِدءًا من تحديد سياسات الوضع الراهن بصدد قطاع الطاقة وأثره على التغيُّر المُناخي وأثر تلك السياسة على الأسعار، والمُستهدفات الحالية للحكومة المصرية، مُقابل السياسة المُقترحة لزيادة حصة الغاز المُسال في مزيج الطاقة محليًّا، إلى جانب تعزيز الكميات المُنتَجة للتصدير. يُمكن للإدارة المصرية أن تحدد التكاليف المباشرة وغير المباشرة لسياسة الانتقال إلى الغاز، والعائد من تلك السياسة على المدى المتوسط والطويل.