عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ألفت المزلاوي تكتب: الحرب الروسية الأوكرانية... هل تخلق نظامًا عالميًا جديدًا.. أم أنها مجرد استعراض للعضلات

تحيا مصر

لم تكن الحرب الروسية الأوكرانية مفاجئة بالمرة، بل لها من التداعيات والأسباب التي أدت إليها، وسرعان ما أصبحت واقعًا فعليًا، ففي 24 فبراير 2022، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا من قبل القوات المسلحة الروسية التي تركزت سابقًا على طول الحدود، مصاحبة بغارات جوية استهدفت المباني العسكرية في البلاد، وكذلك دخول الدبابات عبر حدود بيلاروسيا، ليعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحكام العرفية في جميع أنحاء أوكرانيا.

تحيا مصر 

نظرة سريعة إلى الماضي 

حتى نستطيع التعرف على الأسباب التي أدت في النهاية إلى قيام الحرب الروسية الأوكرانية التي انفجرت في الساعات القليلة الماضية، فيتعين علينا أن نعود إلى الوراء قليلًا، في عام في 2014، قامت روسيا بالعديد من العمليات العسكرية في الأراضي الأوكرانية، بعد احتجاجات الميدان الأوروبي وعزل الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، قام الجنود الروس بالسيطرة على مواقع إستراتيجية وحيوية في شبه جزيرة القرم، بعد ذلك قامت روسيا بضم القرم تحت سيادتها، بعد الاستفتاء في القرم، حيث صوتَ سكّان القرم لصالح الانضمام لروسيا الاتحادية، بحسب النتائج الرسمية، بعد ذلك تصاعدت مظاهرات مؤيدة لروسيا من قبل جماعات انفصالية في دونباس، مما أدى إلى حدوث صراع مسلح بين الحكومة الأوكرانية والجماعات الانفصالية المدعومة من روسيا.  ونلاحظ هنا أن الحرب في دونباس هي نزاع مسلح في منطقة دونباس في أوكرانيا. من بداية مارس 2014، اندلعت مظاهرات من قبل الجماعات الموالية لروسيا والمناهضة للحكومة في أوبلاست دونيتسك ولوهانسك في أوكرانيا، والتي يطلق عليها عادة «الدونباس»، في أعقاب الثورة الأوكرانية عام 2014 وحركة الميدان الأوروبي. وهذه المظاهرات التي أعقبت ضم الاتحاد الروسي لشبه جزيرة القرم، كانت جزءًا من مجموعة أوسع من الاحتجاجات المؤيدة لروسيا في جنوب وشرق أوكرانيا، حيث تصاعدت إلى نزاع مسلح بين القوات الانفصالية المدعومة من روسيا في جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبية (جمهورية أوكرانيا الشعبية) والحكومة الأوكرانية.

في 8 أغسطس 2016، ذكرت أوكرانيا أن روسيا زادت وجودها العسكري على طول خط حدود القرم. ثم أغلقت المعابر الحدودية. في 10 أغسطس، زعمت روسيا مقتل جنديين وجرح 10 في اشتباكات مع قوات الكوماندوز الأوكرانية في أرميانسك (القرم) في 7 أغسطس، والقبض على عملاء أوكرانيين.

الحرب تدق طبولها

نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الشهور الماضية التخطيط لغزو أوكرانيا، إلا أنه أرسل قواته عبر الحدود إلى المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية من أوكرانيا. وقد تعرضت المطارات والمقار العسكرية أولًا للقصف بالقرب من المدن في جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك مطار بوريسبيل الدولي الرئيسي في كييف.

ثم انتشرت الدبابات والقوات الروسية في الشمال الشرقي من أوكرانيا، بالقرب من مدينة خاركيف، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة، وفي الشرق بالقرب من لوهانسك، كما من بيلاروسيا المجاورة في الشمال. ونزلت القوات الروسية في مدينتي أوديسا وماريوبول الكبريين جنوبي أوكرانيا.ق بل لحظات من بدء الغزو، ظهر الرئيس بوتين على شاشة التلفزيون معلنا أن روسيا لا تستطيع أن تشعر "بالأمان والتطور" بسبب ما وصفه بالتهديد المستمر من أوكرانيا الحديثة.

حجج بوتين للحرب 

قدم الرئيس بوتين العديد من الحجج  حيث ادعى أن هدفه من العملية العسكرية هو حماية الأشخاص الذين "يتعرضون للتنمر والإبادة الجماعية"، وأنه يسعى إلى "نزع السلاح والأفكار النازية" من أوكرانيا.

وكثيرًا ما ردد الرئيس بوتين اتهامه بأن المتطرفين سيطروا على أوكرانيا، منذ الإطاحة برئيسها الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش، عام 2014 بعد أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه. حلف الناتو وكلمة السر الناتو هو تحالف دفاعي يعمل بسياسة الباب المفتوح أمام الأعضاء الجدد، والدول الأعضاء فيه البالغ عددها 30 مصرة على أن تبقى هذه السمة على حالها. وقد دعا الرئيس الأوكراني إلى وضع "أطر زمنية واضحة وممكنة" للانضمام إلى الناتو.

في الأسابيع والأشهر التي سبقت دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا، قدمت روسيا سلسلة من المطالب للحصول على "ضمانات أمنية" من الغرب، يتعلق معظمها بحلف شمال الأطلسي (الناتو). وألقى الرئيس بوتين باللوم جزئيًا على قراره بالهجوم على توسع الناتو شرقا. وكان قد اشتكى في وقت سابق من أن روسيا "ليس لديها مكان آخر تتراجع إليه - هل يعتقدون أننا سنبقى مكتوفي الأيدي؟"وقال نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف: "بالنسبة إلينا، من الإلزامي تمامًا التأكد من أن أوكرانيا لن تصبح أبدًا عضوًا في الناتو".

مطالب بوتين الأساسية الأخرى هي أن لا ينشر الناتو "أسلحة هجومية بالقرب من حدود روسيا"، وأن يزيل القوات والبنية التحتية العسكرية من الدول الأعضاء التي انضمت إلى الحلف منذ عام 1997. وهذا يعني أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية ودول البلطيق. في الواقع، تريد روسيا أن يعود الناتو إلى حدود ما قبل عام 1997. الموقف الدولي من الحرب الروسية الأوكرانية

أثار الغزو الروسي الكثير من الإدانات من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان وحتى تركيا فيما قالت الصين من جهتها إنها «تتفهم مخاوف» روسيا.    

هذا وقد أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن سلسلة جديدة من العقوبات تستهدف المصارف الروسية والنخبة الحاكمة والصادرات الروسية.

وأعلنت اليابان الجمعة الماضية عقوبات تستهدف القطاع المالي الروسي وصادرت القطع الإلكترونية إلى روسيا.

كذلك وافق قادة الاتحاد الاوروبي في مستهلّ قمتهم الخميس في بروكسل على فرض رزمة جديدة من العقوبات على روسيا، ردّاً على اجتياحها أوكرانيا، مستهدفين قطاعات المال والطاقة والنقل. في حين أعلن وزير الداخلية افرنسي يرالد دارمانان الجمعة أن جلسة استثنائية لمجلس وزراء داخلية الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستعقد نهاية هذا الأسبوع؛ لمناقشة التصدي عمليًا للوضع في أوكرانيا.

الموقف العربي من الحرب 

لم يكن العرب بعيدًا عن الحرب الروسية الأوكرانية فمن المؤكد أن الدول العربية ستتأثر بطريقة أو أخرى من تلك الحرب القائمة إن لم يتم التوصل إلى حلول سلمية تحافظ على السلم والأمن الدوليين، وهنا أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا، قالت فيه إن مصر "تتابع بقلق بالغ التطورات المُتلاحقة اتصالًا بالأوضاع في أوكرانيا".

وأكدت على "أهمية تغليب لغة الحوار والحلول الدبلوماسية، والمساعي التي من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسيًا بما يحافظ على الأمن والاستقرار الدوليين، وبما يضمن عدم تصعيد الموقف أو تدهوره، وتفاديًا لتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية وأثرها على المنطقة والصعيد العالمي".

كما أكدت المملكة الأردنية أنها "تتابع بقلق تطورات الأوضاع في أوكرانيا وارتفاع حدة التوتر هناك"، مشددة على "أهمية استمرار المجتمع الدولي وجميع الأطراف المعنية في بذل أقصى الجهود لضبط النفس وخفض حدة التصعيد، وتسوية النزاع بالطرق السلمية، واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة من خلال الحوار والمفاوضات في هذه الفترة الحرجة"، بحسب بيان لوزارة الخارجية الأردنية.

وعبر الشيخ محمد بن عبدالرحمن وزير الخارجية القطري عن "قلق قطر جرّاء هذا التصعيد وتداعياته"، كما حثّ جميع الأطراف على "ضبط النفس وحل الخلاف عبر الحوار البناء والطرق الدبلوماسية وتسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، وعدم اتخاذ ما من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التصعيد". وفي الجلسة التي خصصت لمناقشة الحرب الروسية الأوكرانية في مجلس الأمن، عبرت دولة الإمارات عن مبادئها الراسخة، وفضلت التمسك بطريق الدبلوماسية وعدم الانحياز، وإبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع الجميع.

ومن ناحية أخرى، فما إن أعلن الرئيس الروسي الاعتراف باستقلال إقليمي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليين الأوكرانيين حتى سارع الرئيس السوري بشار الأسد لدعم قرار بوتين والاعتراف باستقلال "جمهورية دونيتسك الشعبية" و"جمهورية لوغانسك الشعبية". ولم يكن ذلك مفاجئًا، إذ لعب الدعم الروسي دورًا رئيسيًا في الحفاظ على الأسد في منصبه بعد الانتفاضة الشعبية التي واجهها نظامه عام 2011 والتي تحولت إلى نزاع مسلح كانت موسكو خلاله الحليف الأساسي للرئيس السوري الذي اتسمت علاقته مع الغرب بالتوتر منذ توليه منصبه عام 2000 خلفا لوالده.

الحرب الروسية الأوكرانية ومعادلة القمح 

نلاحظ هنا أن روسيا وأوكرانيا من أهم مصدري القمح لعدد كبير من الدول العربية، وتمر معظم هذه الصادرات عبر البحر الأسود الذي يقع في محور الأزمة الحالية.

وقد اشترت مصر نحو نصف وارداتها من القمح في 2021 من روسيا وحوالي 30 في المئة من أوكرانيا. ومصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، ويمكن أن تتسبب الأزمة في تراجع وارداتها من هذه المادة الأساسية التي يعتمد عليها نحو ثلثي سكان البلاد.

كذلك فإن روسيا هي المزود الرئيس للجزائر بالقمح وتليها أوكرانيا، بينما أدى توتر العلاقات مع باريس لتراجع صادرات القمح الفرنسية إلى هذا البلد. ويعتمد لبنان على أوكرانيا في تغطية نحو 50 بالمئة من احتياجاته من القمح. كذلك تزود كييف ليبيا بـ43 بالمئة من وارداتها من هذه المادة، واليمن بـ22 في المئة، والمغرب بـ26 بالمئة.

ومن ثم فإن الحرب الروسية الأوكرانية بطريقة أو أخرى ستؤثر على الأمن الغذائي لكثير من الدول العربية.

تابع موقع تحيا مصر علي