ياسر حمدي يكتب: ياسر رزق.. فارس القلم
ADVERTISEMENT
مات الأستاذ، رحل المعلم، غاب الأب الكبير لأبناء جيلي، سواء الذين عملوا معه بالأخبار ومن قبلها مجلة الإذاعة والتلفزيون التي خرجت إلى النور في عهده، ثم رئاسته لتحرير واحدة من أعرق الصحف الخاصة في مصر والشرق الأوسط؛ جريدة المصري اليوم؛ أو لباقي الزملاء على حد سواء، إلى جانب كونه كاتبًا وطنيًا بارعًا في مقالاته التي تعد واحدة من أهم المراجع السياسية التي تخدم الوطن والمجتمع.
خبر وفاة الأستاذ ياسر رزق.. فارس القلم؛ الذي تعلمنا من مدرسته حب المهنة وأمانة الكلمة وصدق الخبر، صاحب مدرسة عريقة في بلاط صاحبة الجلالة، صدمني بل صعقني عندما قرأته على صفحة أخي وصديقي صلاح عزازي، الصحفي المخضرم بالشروق في الفيسبوك في صباح الأربعاء الماضي، وظللت أبكي وأنا أحاول أتأكد من الخبر خلال تصفحي الصفحات والمواقع للتأكد من الخبر المشؤم.. أستاذي هل تركتني وتركت تلاميذك ومحبيك بدون وداع؟
فلم أشعر بهذا الحزن الكبير منذ وفاة أبي وإبن أخي الشاب شهيد العمل، إلا على أستاذي الجليل ياسر رزق وأساتذتي العظام الذين رحلوا في هذا الشهر، وتركونا في هذه الدنيا الفانية، فكانت الصواعق متتالية على فراق الأحبة والعظماء من أساتذة الصحافة المصرية، الذين علموا الدنيا كلها مهنة البحث عن المتاعب، أنا اليوم أشعر بخسارة كبيرة على فراق رجال محترمين أخذوا بأيدينا وعلمونا وتعلمنا منهم أن الصحافة شرف لن يناله أي شخص عادي.
ولو أردت أن أحكي مواقف الأستاذ لن أستطيع أن أوفيه حقه.. فكان الشرف العظيم لي أن أتتلمذ في مدرسة علي أمين ومصطفى أمين، واستقبلني استاذي الجليل ممتاز القط، الذي عرفني على أستاذي وعمي ياسر رزق رحمة الله عليه، الذي لم يبخل عليا بأي شئ وظل يوجهني ويرشدني إلى الطريق الصحيح، وظل مكتبه مفتوح لي حتى أخر يوم في حياته، على الرغم من أنني لم استمر بمؤسسة الأخبار كثيرًا.
كان داعمًا لي في بداياتي، وكان يعطي لي مساحة كبيرة من الرأي أثناء المرور عليه بمكتبه للإطمئنان عليه، خصوصًا في نقاشاته المثمرة مع كبار الساسة والمفكرين والصحفيين حول الأوضاع السياسية والأمنية والقضايا التي تمر بها البلد، وكان لي الشرف أن العبقري ياسر رزق يقول لي أتنبأ لك بمستقبل باهر في مجال صاحبة الجلالة، كان مكتب الأستاذ مفتوح للجميع بلا إستثناء، وكانت له جملة شهيرة دائمًا يقولها لي.. ياسر انت لو كتبت مقالات هتكون مميز، سلامي لك يا صاحب القلب الكبير والقلم الحر، رحلت ورحل معك تميزي الذي كنت تناديني به، رحلت ورحلت معك أفكارك البارعة وإشادتك بي، سأتذكرك بالخير دائمًا.
أصدر كتاب «سنوات الخماسين» قبل رحيله بأيام، وكان لي الشرف أن أكون من أوائل من علموا بهذا الكتاب وحصلت على نسخة من إمضائه، هذ الكتاب الذي يتناول تأريخ لأحداث يناير عام 2011 وحتى يونيو عام 2013، هذه الحقبة التاريخية الهامة في تاريخ مصر، ووجه في صدر كتابه نصيحه للأجيال القادمة كعادته «إلى شعب عظيم لا يرضخ لظلم، ولا ينحني لعاصفة، ولا يركع إلا لرب العباد.. إلى أجيال آتية هذه ملامح من قصة آبائكم في زمن عصيب.. ولمحات من حكاية وطنكم في حقبة فاصلة عساها تنير لكم طريقًا وأنتم تشيدون مجدًا جديدًا معطرًا بعظمة التاريخ»، هذا هو ياسر رزق الذي عاش طوال حياته يقدم النصائح للجميع لم ينسى شباب هذا البلد العظيم حتى بعد وفاته.. رحمك الله رحمة واسعة وطيب ثراك وأدخلك الفردوس الأعلى من الجنة، وسأظل أدعوا لك من أعماق قلبي حتى اللقاء.