"معمر القذافي أرسل إليه طيارة لنقله إلى المستشفي".. ملامح من حياة الفنان عبد الله غيث

عُرف عبد الله غيث أنه أبن الأرض، ورفع له العالم القبعة بسبب فيلم “الرسالة”، وأصبح الصديق العربي المقرب للفنان العالمي أنتوني كوين، وفي ذكري ميلاده ترصد تحيا مصر عدد من كواليس حياته في السطور التالية.

من هو عبد الله غيث؟

ولد الفنان عبدالله غيث، بقرية شلشمون مركز مينا القمح بالشرقية، لأسرة تمتلك مئات الأفدنة وتوفى والده وهو لا يزال صغيرًا فاستمر في دراسته بالقرية، إلا أنه كان تلميذًا شقيًا يحب الهروب من المدرسة ليذهب إلى السينما والمسارح والحفلات الصباحية.

غيث حصل على الإعدادية ثم الثانوية بصعوبة كبيرة، وظل بعدها يعمل بالزراعة ويشرف على أرضه مدة عشر سنوات، لينتقل إلى القاهرة والتحق بمعهد الفنون المسرحية بإشراف أخيه حمدي غيث الذي عمل أستاذًا بالمعهد.

برع فى تقديم المسرح الشعري، ورشحه عمدي المسرح يوسف وهبي، ليكون خليفة له على خشبة المسرح، والتحق عبد الله غيث بالمسرح القومي وهو لا يزال طالباً في المعهد ولم يصادف أي مشكلة في دخوله عالم الفن، ليحصل على دبلوم المعهد العالى للفنون المسرحية.

حكاية المسرح مع ابن الأرض

بدأ عبد الله غيث عمله في المسرح القومي بأعمال كلاسيكية مترجمة وصلت إلى مئات المسرحيات منها : "وراء الأفق" و"حبيبتي شامينا" و"الخال فانيا" و"دنشواي الحمراء" و"كفاح شعب" و"مأساة جميلة" و" تحت الرماد" و"الدخان" و"الكراسي" و"الوزير العاشق"، وبكت عليه جيهان السادات عندما مات في "الوزير العاشق".

وقيامه بأدوار البطولة في معظم المسرحيات الشعرية فاستحق عن جدارة لقب النجم الأول على مستوى الوطن العربي للمسرح الذي يؤدي شعراً وكان من قبل يفني، لم يكن يحلم بأن يكون مهندساً أو محامياً وانحصر حلمه في شيئين: الفلاحة أو الفن.

وكان يتردد مرتين في الأسبوع على قريته ما جعله يشارك أهله وجيرانه كفاحهم والتعرف على مشاكلهم ومتاعبهم وآلامهم وأمانيهم، ولذلك منحوه الحب والثقة ورشحوه للعمودية بعد وفاة والده وأخيه الأكبر، وعندما أعلن موافقته المبدئية على المنصب ولكن إنشغاله بالفن عن تولي العمودية ساهم في توليتها لابن عمه.

حكاية عبد الله غيث مع أنطوني كوين

جاءت رسالة من المخرج العالمي مصطفي العقاد إلى الفنان عبدالله غيث، وعندما قابلوا قال له “مبروك أنت أتكون حمزة عبد المطلب بفيلم الرسالة،والمنافس اليك من النسخة الأجنبية أنتوني كوين”.

وجاء موعد التصوير مع الوزير العاشق، والفنان العالمي أنتوني كوين، وكان موقع التصوير مليئ بكل أبناءالمغرب حتى يشاهدوا المباراة الفنية من فنان مصري وفنان أمريكي.

وجاء موعد المشهد، حيث شعرت بأقدامي التى كانت مثل الحديد، وبدأت تمثيل المشهد دون توقف او أعادة، وعند الانتهاء منه جاء هتاف الجماهير لكل عربي موجود بجملة “الله أكبر، الله ينصرك يا عربي”، وبعد الانتهاء من المشهد فى اليوم التالي، عندما يرانى أحد الأجانب كان يرفع الى القبعة.

كواليس وفاة عبد الله غيث وطائرة القذافي

كان عبد الله لم يكن قد إنتهى من تصوير دوره في مسلسل “ذئاب الجبل” وبعدها طلب أن يعود إلى القاهرة بعد أن أتصل بشقيقه حمدي ليطلب منه المجيء إلى الصعيد ويرافقه في رحلة عودته إلى القاهرة.

كانت حجة عبد الله غيث أنه يريد الإتفاق على موعد عرض أحد مسلسلاته مع المخرج، وهو الأمر الذي أثار اندهاش حمدي غيث من طلبه، وقتها لم يعترض المخرج لمعرفته سبب إصرار عبد الله غيث العودة إلى القاهرة.

وطلب عبد الله غيث من شقيقه حمدي أن يذهبا إلى الجامع الأزهر لتأدية صلاة الظهر، وبالفعل استجاب عبد الله لطلب أخيه وتوجهوا للأزهر، وبعدها طلب عبد الله غيث أن يزور مسجد سيدنا الحسين، واستجاب أخيه لطلبه الثاني ولكن أثناء تواجده في مسجد الحسين شعر بوعكة صحية وتوجه إلى المستشفى برفقة أخيه، وعلم الجميع أن عبد الله غيث مريض بسرطان الرئة والكبد.

ظل عبد الله غيث لمدة 18 يومًا في المستشفى، وقد أرسل وقتها الرئيس الليبي معمر القذافي الذي كان معجبًا بعبد الله غيث منذ تصوير فيلم الرسالة في ليبيا وفدًا لزيارته، وأكد الوفد أن هناك طائرة خاصة لنقله إلى أي مكان في العالم لتلقى العلاج، لكنّ الأطباء المعالجين أكدوا أن حالته ميؤوس منها وبالفعل توفي عبد الله غيث يوم 13 مارس عام 1993.