اللحظات الأخيرة في حياة ياسر رزق..وكواليس حواره مع السيسي
ADVERTISEMENT
قبل أسابيع صدر كتاب "سنوات الخماسين" للكاتب الصحفي الكبير ياسر رزق، ولكن لم يلبث إلا أيام قليلة ويرحل الكاتب عن عالمنا، لتبقى شهادته التي دونها في سطور الكتاب باقية تروي للأجيال القادمة كواليس ما دار في السنوات ما بين يناير الغضب 2011 حتى يونيو الخلاص في 2013.
حتى عشية أمس كان الكاتب الصحفي الكبير ياسر رزق يتأهب لدخول المستشفى لإجراء عملية قسطرة، ولكن انتابته أزمة قلبية مفاجئة في الساعات الأولى من صباح الأربعاء 26 يناير 2022، أودت بحياته لتفقد معه مصر رمزًا جديدًا من رموز صاحبة الجلالة التي أفنى عمره مخلصا لها.
اللحظات الأخيرة في حياة ياسر رزق:
ترك وفاة ياسر رزق حالة من الحزن خيمت على أبناء صاحبة الجلالة، فرحيله المفاجيء إثر سكتة قلبية أصاب الجميع بحالة من الذهول، فهو من كان يتلقى التهاني قبل أيام على صدور كتابه الأخير "سنوات الخماسين".
وعن اللحظات الأخيرة من حياة ياسر رزق، يقول الكاتب الصحفي يحيى قلاش، نقيب الصحفيين سابقًا، إنه كان يحادثه بالأمس قبل يوم من رحيله، وأخبره أنه يستعد لدخول المستشفى يوم الخميس لإجراء عملية قسطرة.
وأضاف قلاش، عبر حسابه الشخصي على موقع فيس بوك، إنه قبل يومين كان يتحدث مع ياسر رزق ويثني على كتابه الأخير "سنوات الخماسين" بعدما انتهى من قراءته، ويقول إن ياسر رزق ذكر شهادته في الكتاب كما عاش أيامها وأحداثها بموهبة فياضة وأسلوب رشيق وقناعات لم يغيرها.
مواقف ياسر رزق
وعن مواقف ياسر رزق، قال قلاش إن الراحل رفض المشاركة فيما وصفه بـ"لعبة تصحيح المسار"، وكان دائمًا يحذر من خطورة ذلك على الكيان النقابي، وأنه كان يتمسك بتقاليد المهنة وأخلص فيها حتى وهن القلب.
فاجعة موت ياسر رزق أصابت أسامة هيكل، وزير الإعلام سابقا، بحالة من الدهشة حتى أنه لم يكن قادرًا على تصديق الخبر، حتى أنه هاتف ياسر رزق كثيرًا ولكن جاء الرد من نجله ليؤكد له وفاة والده صباح اليوم، فنزل الخبر عليه كالصاعقة، بحسب وصفه.
ويقول هيكل إنه لم يكن يربطه بالكاتب الكبير ياسر رزق علاقة عمل فقط، ولكنها مسيرة عمر بدأت منذ ذكريات الطفولة في مدينة الإسماعيلية وحتى بعد التحاقهما بالعمل في القاهرة، حتى امتدت الصداقة بينهم طيلة العمر.
محطات في حياة ياسر رزق:
رحل الكاتب الصحفي ياسر رزق، رئيس تحرير مجلس إدارة أخبار اليوم السابق، في هدوء تام على عكس حياته الصحفية التي كان يخوض فيها حربًا بقلمه في مواجهة التزييف والجهل، ليقدم الحقيقة كاملة امتثالا للأمانة الصحفية وقبل ذلك من أجل التاريخ والوطن.
مر ياسر رزق، الذي تخرج من كلية الإعلام عام 1986، بمحطات عديدة في بلاط صاحبة الجلالة، بدأها كمحرر صحفي في مؤسسة أخبار اليوم التي استمر في العمل بها لمدة 30 عامًا، وتنقل خلالها بين أقسام الجريدة حتى استقر كمحرر عسكري ثم مندوبًا لرئاسة الجمهورية.
استمر ياسر رزق مندوبًا لجريدة أخبار اليوم في رئاسة الجمهورية حتى عام 2005، الذي تولى فيه لأول مرة منصب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون، ليعود بعد ذلك إلى مؤسسة أخبار اليوم ولكن هذه المرة ليتولى منصب رئيس التحرير ورئاسة مجلس إدارة المؤسسة.
تميز ياسر رزق بأنه كان كاتبًا جريئًا لا يخشى في الحق لومة لائم، وهكذا يصفه أبناء مهنته الذين يشهدون له بالأمانة الصحفية، فكان يشتبك مع القضايا التي تشغل الرأي العام، ويعبر عن آراء الناس بقلمه الذي تميز بالإبداع والابتكار.
تولى ياسر رزق مهمة قيادة مؤسسة أخبار اليوم في وقت كانت تشهد فيه مصر ظروف عصيبة في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وبينما كان يجمع ما بين واجبه المهني والسياسي والوطني، استهدفت جماعة الإخوان المسلمين الإطاحة به من منصبه وقد نجحت في ذلك حتى ترك المؤسسة.
انتقل ياسر رزق لتولي رئاسة تحرير جريدة المصري اليوم، لتصبح هذه المرة الأولى التي يعمل فيها خارج أروقة أخبار اليوم والمؤسسات الحكومية، واستمر في العمل بها لنحو عام و3 أشهر، ولكن تمر الأيام ويعود ياسر رزق إلى أروقة أخبار اليوم رئيسا لمجلس الإدارة.
كواليس حوار ياسر رزق مع السيسي:
لم يخلو أرشيف ياسر رزق من الانفرادات الصحفية والتحقيقات التي كشفت الكثير من الوقائع، ولكن من بين هذه الانفرادات ذلك الحوار الذي أجراه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي حين كان يشغل منصب وزير الدفاع والإنتاج الحربي.
وكان ياسر رزق أول صحفي يجري حوارًا مع السيسي في هذه الأثناء، والذي كشف عن الكثير من الأحداث والوقائع التي جرت قبل إزاحة جماعة الإخوان المسلمين عن الحكم، فضلا عن كشف العديد من الجوانب الإنسانية في حياة السيسي.
وبحسب ما صرح به ياسر رزق، في حوار مع الإعلامي أحمد موسى عبر فضائية صدى البلد بتاريخ 6 يناير 2022 الجاري، فإن السيسي رفض تولي منصب وزير الدفاع إلا بعد الرجوع للمشير حسين طنطاوي وموافقته، مضيفًا أن محمد مرسي أبلغ السيسي بأن قرار تكليفه وزيرًا للدفاع جاء بترشيح من طنطاوي.
"سنوات الخماسين" الإصدار الأخير لياسر رزق:
أبى ياسر رزق أن يرحل دون أن يدون شهادته عن تلك السنوات التي قضتها مصر ما بين يناير 2011 ويونيو 2013، وما شهدته من أحداث سيقف التاريخ عندها كثيرًا، فهي كما وصفها في كتابه بـ"سنوات الخماسين بين يناير الغضب ويونيو الخلاص".
كتب ياسر رزق كتاب "سنوات الخماسين" ليهديه إلى الأجيال القادمة لتروي لهم حكاية سنوات عاشها آبائهم في هذه الحقبة الهامة في تاريخ مصر، فحسب ما ذكر في مقدمة الكتاب "إلى أجيال آتية هذه ملامح من قصة آبائكم فى زمن عصيب، عساها تنير لكم طريقًا، وأنتم تشيدون مجدًا جديدًا معطرًا بعظمة تاريخ مصر".
وفي هذا الكتاب كتب ياسر رزق شهادته عن أحداث ثورة يناير، فيقول إنه كانت هناك بالفعل ثورة وغليان من المواطنين، وخطة لإعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط برغبة أمريكية، إلا أن القوات المسلحة انحازات لإرداة الشعب وأدركت هذا الغليان الذي انتاب الجماهير الغاضبة في الشوارع.
ويقول ياسر رزق في كتابه سنوات الخماسين إن السيسي كان يقدر الموقف في الشارع، وتواصل مع الراحل المشير حسين طنطاوي، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع حينها، وتبين لهم أن هذا الغليان نتيجة ظروف اقتصادية صعبة، وأن الشرطة لن تستطيع السيطرة ولابد من تدخل الجيش.
ويضم الكتاب 7 فصول، تتناول سقوط الجمهورية الأولى بعنوان، الشعب والجيش والتوريث، البركان ينفجر، اليوم الاخير ومقدماته، والفترة الانتقالية الأولى، وتضمن الفصل الثالث من الكتاب بعنوان "جمهورية السراب..وجماعة الغدر بعنوان "استبن الشاطر.. رئيسا".
وتحدث الكتاب في الفصل الرابع عن فض انتهاء مشروع الإخوان، وميلاد حركة تمرد، وسقوط نظام المرشد، والفترة الانتقالية الثانية، وفض اعتصام رابعة، وأخيرًا تطرق الفصل السابع إلى طريق السيسي إلى الاتحادية.
نعي ياسر رزق..القوات المسلحة و"الوزراء" في المقدمة:
أثار وفاة ياسر رزق حالة من الحزن بين جموع المصريين، وقد توال نعي الراحل من العديد من المؤسسات الحكومية وكتاب الكتاب والسياسيين والبرلمانيين.
وجاء في مقدمة من قدموا العزاء في وفاة ياسر رزق المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي وصف الفقد بأنه أحد رموز الصحافة المصرية الذي طالما خط بقلمه وسجلت كتاباته في حب مصر وجيشها بحروف من نور.
كذلك قدم مجلس الوزراء، في بيان له، التعازي في وفاة ياسر رزق، وقال إن الصحافة المصرية فقدت أحد كتابها المتميزين، والذي سخر كتاباته لخدمة قضايا وطنه ودفاعًا عن مهنته، وله العديد من المواقف التي انحاز فيها لصالح مصر وجموع المصريين، ولطالما قاد بقلمه مسيرة التنوير بقضايا الوطن وأولوياته في أوقاته العصيبة، وأسهم في كشف ما يُحاك ضده في هذه الفترة.
كما نعت وزارة الداخلية ياسر رزق، وقدم كل من مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، ونقيب الصحفيين ضياء رشوان، والهيئة العامة لقصور الثقافة، وتنسيقية شباب الأحزاب، وغيرهم العديد من الكتاب والسياسيين والبرلمانيين العزاء في وفاة ياسر رزق.