عاجل
الإثنين 23 ديسمبر 2024 الموافق 22 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

نجوان محمد أحمد تكتب: عيد الشرطة.. تخليد لذكرى وطنية

تحيا مصر

25 يناير هو عيد الشرطة، لتخليد ذكرى معركة الإسماعيلية 1952، التي راح ضحيتها نحو 50 شهيدًا و80 جريحًا من رجال الشرطة المصرية، ليظل هذا اليوم «25 يناير» شاهدًا على بسالة رجال الشرطة المصرية برفضهم تسليم مبنى محافظة الإسماعيلية للبريطانيين، رغم قلة أعدادهم، وضعف أسلحتهم، فسقط منهم العديد من الشهداء، ومئات الجرحى.

وضربت «معركة الإسماعيلية» مثالًا رائعًا على تكاتف الشعب مع الشرطة، عندما تعاون أهالي الإسماعيلية مع رجال الداخلية، وانضموا إلى بعضهم البعض تحت راية هدف واحد هو مقاومة الإحتلال الإنجليزي، وكانت البداية للمعركة، بعد وصول حالة التوتر بين مصر وبريطانيا إلى الذروة عقب زيادة أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم في منطقة القناة، بالتزامن مع ترك أكثر من 91 ألف عامل مصري معسكرات البريطانيين للمساهمة في حركة الكفاح الوطني، كما امتنع التجار عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية.

وجاءت تلك الأعمال بعد استجابة حكومة الوفد لمطلب الشعب بإلغاء معاهدة 1936‏،‏ حيث أعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس، في مجلس النواب، يوم 8 أكتوبر 1951، إلغاء المعاهدة، التي فرضت على مصر الدفاع عن مصالح بريطانيا، وأزعجت تلك الأفعال حكومة لندن، فهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، غير أن الشباب المصري بالتعاون مع رجال الشرطة لم يهتموا بهذه التهديدات ومضوا في خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربي البريطاني، واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة‏.‏

وخلال أربعة أشهر تحولت الإسماعيلية مركز وجود البريطانيين في مصر إلى جبهة مقاومة، وكانت قوات الشرطة هي ممثل الدولة المصرية في دعم الفدائيين المصريين، وهي حقيقة أدركها الجيش البريطاني، الذي قرر إخلاء الإسماعيلية من الشرطة المصرية، وبعد إنذارات متعددة أخذت قوات الشرطة قرارًا بالمقاومة، كان ذلك قرارًا رمزيًا بكل تأكيد، فلم يكن من الوارد أن ينتصر عشرات من رجال الشرطة مسلحين بالبنادق الخفيفة على سبعة آلاف جندي مسلحين بالأسلحة الثقيلة، استشهد ٥٤ من أبطال الشرطة، وأصيب ما يزيد على الثمانين، ونجحت بنادقهم في اصطياد ١٢ جنديًا بريطانيًا، وإصابة ما يزيد على الثلاثين.

كانت معركة مكللة بشرف الإرادة، وهو ما دعا العسكريين البريطانيين لتوجيه التحية العسكرية لرجال الشرطة وهم يتسلمون منهم مبنى المحافظة، ويصفونهم بأنهم قاتلوا بشرف، وانتشرت أخبار الجريمة البشعة في مصر كلها، وخرجت المظاهرات في القاهرة، واشترك فيها جنود الشرطة مع طلاب الجامعة صباح السبت 26 من يناير 1952، وعمت المظاهرات شوارع القاهرة التي أمتلأت بالجماهير الغاضبة، وراحوا ينادون بحمل السلاح ومحاربة الإنجليز، لتكون معركة الإسماعيلية الشرارة التي أشعلت نيران الثورة، وأدرك الضباط الأحرار أنه آن الأوان لتحرك سريع يغير قواعد الحكم في مصر.

ولم تنتهي تضحيات وبطولات رجال الشرطة حتى يومنا هذا، فقد حاربت الإرهاب في فترات عدة، لكن أجهزة الشرطة نجحت في حماية البلد وإستقرارها، ومع تصاعد الصراع السياسي في مصر بعد عام ٢٠٠٥، ركزت بعض وسائل الإعلام الجديدة على نماذج سلبية قليلة للغاية، لكنها إستخدمت في الإساءة للشرطة المصرية، وهي مؤسسة وطنية من مؤسسات الدولة المصرية، وبدا للبعض أن ثمة انحرافًا في فهم البعض لدور الشرطة المصرية، وعلاقتها بالسياسة وقتها، لكن الحقيقة أن الشرطة كانت دائمًا درعًا من دروع الوطن، وقلبًا صلبًا لا يمكن الاستغناء عنه، ولا السماح له بالتوقف، وهي حقيقة أدركها الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ كان وزيرًا للدفاع، فسعى إلى مد جسور الأخوة بين مؤسسات الدولة المصرية، وتوحيدها إزاء الخطر الذي كان يهدد وجود الدولة نفسها.

وما أن أنفجرت موجة الإرهاب بعد ثورة ٣٠ يونيو، حتى كان رجال الشرطة والجيش في طلائع الصفوف، وقدموا تضحيات حقيقية، بالدماء، وبالجهد، لم يكن للأمور أن تعود إلى طبيعتها بغيرها، والحق أن السنوات الماضية شهدت تطورًا كبيرًا في أداء الشرطة المصرية، هذا التطور سار في اتجاه مزيد من المهنية، والاحترافية في العمل الشرطي، ومزيد من التحديث للمقار الشرطية بشكل انعكس رمزيًا على المتعاملين معها، حيث كانت الرسالة هي احترام آدمية الإنسان بغض النظر عن سبب تواجده في قسم الشرطة.

التطوير إمتد ليشمل إختفاء إدعاءات التعذيب في أقسام الشرطة والتي كنا نسمع عنها منذ سنوات طويلة، وهي نتيجة طبيعية لتطور أساليب العمل، واللجوء للأساليب التقنية الحديثة، مثل تتبع الكاميرات، والمحادثات، وغيرهما من الأدلة الفنية الدامغة، التي لم تعد تترك مجالًا لإستخدام أي أسلوب للإجبار على الاعتراف، وكان من علامات التطور الحقوقي في العمل الشرطي، إيقاف إستخدام المواد الخاصة بقرارات الاعتقال في قانون الطوارئ حتى قبل إلغائه، واللجوء لسلطة النيابة العامة في إصدار قرارات الحبس، وهي كلها علامات على طريق التطور، جعلت الشرطة المصرية تفرض الأمن والأمان والإستقرار الذي ننعم به الآن، وهو ما يجعلنا نوجه لها التحية والتقدير في عيدها السبعين.

تابع موقع تحيا مصر علي