مجدى البرى يكتب: «الضبطية القضائية» والمهرجانات
ADVERTISEMENT
أمس مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، أعلن رفضه لأول مشروع قانون فى الفصل التشريعى الثانى، مقدم من الحكومة خاص بأحكام القانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، والسبب الرئيسى فى الرفض هو المادة 70 مكرر، الخاصة بـ«الضبطية القضائية» والتى تمنح حق الاتفاق من جانب نقيب كل من نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية مع وزير العدل بتحديد من لهم صفة الضبطية القضائية لتنفيذ أحكام قانون النقابات الفنية، وفق مبرر الحكومة بمنع من يعمل بدون تصريح ويقدم الإسفاف الفنى سواء كان موسيقى أو تمثيل أو سينما.
تحيا مصر
بداية الأزمة ليست من جلسة الأمس، ولكن منذ إحالة القانون من الحكومة للجنة الإعلام والثقافة برئاسة النائبة درية شرف الدين، كان هناك حالة كبيرة من الجدل ما بين مؤيد ومعارض للقانون، ولكن انتهت اللجنة بالموافقة على مقترح الحكومة تلبية لرغبة نقيب الموسيقين هانى شاكر، وأشرف زكى نقيب المهن التمثيلية من منطلق أن منح الضبطية القضائية لأعضاء النقابات لا يتعارض مع مبدأ حرية الإبداع أو الفن بل ينظمه في إطار من مواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية حفاظاً على القيم والتقاليد المجتمعية الراسخة.
ما بين مؤيد (يرى أن الضبطية القضائية ستواجه الإسفاف) دون النظر لخطورة التوسع بها، وبين (معارض يرى أن الضبطية القضائية تتعارض مع العمل النقابى وخاصة العمل الفنى الذى يحتاج لحرية وإبداع) كانت مناقشات الجلسة العامة للبرلمان الأحد وانتهت لرأى الأغلبية بالرفض، وهو أمر لابد أن نتوقف أمامه وخاصة على مستوى رؤية الحكومة والنقابات الفنية لأهمية الضبطية القضائية ودورها فى مواجهة الإسفاف الفنى الذى أصبح مسيطرا على قطاع كبير فى الشارع المصرى ونرى أسماء لا علاقة لها بالفن وغير مؤهلة ولا مدربة تنشر هذا الإسفاف بدعوى الفن.
مجدى البرى يكتب: «الضبطية القضائية» والمهرجانات
بعيدًا عن هذا النقاش الهام.. هناك ضرورة للنظر فى شكل ومضمون النص القانونى المقدم من الحكومة وهو المادة 70 مكرر، بالنص على الاتفاق ما بين وزير العدل والنقيب المختص على منح الضبطية القضائية ، وهو ما كان مثيرا للتساؤلات خاصة أن هذا الأمر مخالف لقانون الإجراءات الجنائية الذى ينظم ضوابط الضبطية القضائية من الأساس وفق مادته 23، حيث نصت فقرته قبل الأخيرة صراحة على أنه "يجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأمورى الضبط القضائى بالنسبة إلى الجرائم التى تقع فى دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم".
النقابة هى شخص من أشخاص القانون الخاص، وبالتالى لا يحق لها أن تكون نائبًا عن النائب العام الذى ينوب عن الشعب، وهو صاحب الصفة فى الضبطية القضائية، وبهذا النص يكون الأولى بأن تأخذ نقابة الأطباء أو الصيادلة صفة الضبطية القضائية لمطاردة المخالفين وما أكثرهم فى صناعة الأدوية والإعلانات.
ونحن فى هذا الجدل لابد أن يدرك الجميع "الضبطية القضائية" والتى تكون من خلال مأمور الضبط القضائي، وهذا "المأمور" هو شخص منحه القانون مهمة الضبط القضائى عقب وقوع الجريمة، وفق المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الحصر وينقسمون إلى طائفتين: الأولى هو مأمورى الضبط الذين لهم الضبطية القضائية تجاه جميع أنواع الجرائم، ومأمورى الضبط الذين ليس لهم الضبطية إلا تجاه جرائم معينة متعلقة بوظائفهم الأساسية.
مأمورو الضبط القضائى فى جميع أنحاء الجمهورية، هم مديرو وضباط إدارة المباحث العامة بوزارة الداخلية وفروعها بمديريات الأمن، ومديرو الإدارات والأقسام ورؤساء المكاتب والمفتشون والضباط وأمناء الشرطة والمساعدون وباحثات الشرطة العاملون بمصلحة الأمن العام وفى شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن، وضباط مصلحة السجون، ومديرو الإدارة العامة لشرطة السكة الحديد والنقل والمواصلات وضباط هذه الإدارة، وقائد وضباط أساس هجانة الشرطة "الخيالة"، ومفتشو وزارة السياحة، والطائفة الثانية وهى بأنه يجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأمورى الضبط القضائى بالنسبة إلى الجرائم التى تقع فى دوائر اختصاصهم، وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم وتعتبر النصوص الواردة فى القوانين والمراسيم والقرارات الأخرى بشأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأمورى الضبط القضائى بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص.
هذه باختصار قصة "الضبطية القضائية" فى القانون ومن له الحق من عدمه سواء على مستوى مأمورى الضبط تجاه جميع أنواع الجرائم، ومأمورى الضبط الذين ليس لهم الضبطية إلا تجاه جرائم معينة متعلقة بوظائفهم الأساسية.