عاجل
الأحد 22 ديسمبر 2024 الموافق 21 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

بـ"الزجاجة والكوباية".. حكاية أربعين عامًا لـ"ساقي" في رحاب الحسين

مسجد الحسين
مسجد الحسين

الساحة ممتلئة عن آخرها بالبشر القادمون من كل مكان، وهناك على مقربة تكدس شديد أمام الباب؛ الكل يريد الدخول لينالوا المراد، ففي الداخل حياة مختلفة تمامًا عن تلك التي نعيش، فكل واحد من الحضور له حكاية خاصة جاء يفضى بها إلى محبوبه، فأحدهم يسند رأسه للحائط شاردًا في رحاب ربه، والآخر يرهق نفسه تكبيرًا واستغفارًا ويتمايل برأسه يمينًا ويسارًا، تلك الكاميرا التي ترصد هذه المشاهد من ساحات مسجد الحسين بمنطقة الدراسة، توقفت لوهلة لترصد حكاية الرجل الأربعيني الذي يحمل على ظهره زجاجة مياة كبيرة، وفي يده كوبين صغيرين يمر بهما وسط الصفوف يسقي المصلين.  

تحيا مصر 

 

أيمن عبد الجواد، البالغ من العمر 42 ربيعًا، تعود منذ صغره على زيارة الحسين برفقة والده، ولكن في السنوات الثلاثة الأخيرة، زاد عشقه لصاحب المقام، الأمر الذي دفعه للمجيء من محافظة المنوفية كل جمعة، إلى القاهرة من أجل حمل زجاجة المياه وإسقاء الزائرين، حبًا في الإمام الحسين وآل البيت.

5 أطعمة لا تتناولها على الريق..احذر من القهوة

الشاب الأربعيني قال إنه يعمل خياطًا في بلدته، وأن حالته المادية على ما يرام، ولكن الذي دفعه إلى فعل ذلك، كان في زياة مع والده في صغره، ورأى أحد الأشخاص يسقى الناس، فظلت هذه المشاهد معلقة في ذهنه حتى بلغ أشده، قائلًا: " بدأت العمل ده حبًا في رسول الله وفي الحسين ابن بنته، فأنا أذهب إلى الحسين كل جمعة لأسقي الناس، وليس هناك أي غرض من هذا الفعل غير الحب"، مضيفًا: أنه لا يتقاضى أجرًا من أحد ولا طلب مالًا من طالبي الماء".

 

رغم الطُرق الكثيرة التي يحتضنها مسجد الحسين، ما بين رفاعية وهاشمية وغيرها، لاينتمي الساقي لأي طريقة منهم، بل يكتفي بحب الرسول وآل بيته، مضيفًا: أن من يجلسون على الأبواب  يتقاضون أرباحًا من المصليين، يسعون إلى أغراض الدنيا، ولكنه لا ينظر إلا للأخرة قائلًا: "لا أحتاج للمال فلدي صنعتي التي أربح من ورائها ولكن أنظر إلى الآخرة".

 

"الحسين مني وأنا من الحسين" حديث نبوي يتلفظ به الشاب، مشيرًا إلى أن من يأتي إلى زيارة الحسين فكأنه زار الرسول، بحسب ما ذكر في الحديث على حد قوله، مؤكدًا: أنه ينتظر بفارغ الصبر الليل الكبيرة، وهي مولد الحسين، فحينها أحمل أشيائي وانطلق إلى الخارج في خدمة الناس لكي أرضي "سيدنا الحسين" وأن المقامات الآخرى فلها نصيب من الزيارة فقط أما الشغل الأساسي هو في حضرة "حبيبي ابن بنت رسول الله".

 

العمل الذي بدأه الرجل الأربعيني جاء بناء على الأذن الذي تلقاه من الإمام الحسين، على حد قوله: " هذه الخدمة حصلت عليهاب إذا من سيدنا الحسين، وأنا أختلف عن  غيري، من يأتي بدون إذن يعمل لفترة قصيرة ثم ينقطع عن العمل، ولكني ثابت هنا منذ سنوات، بسبب الإذن الذي حصلت عليه، وعن كيفية تلقي الإذن قال: "وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"، وبالتالي الحسين حي يرزق ولم يمت".

ومن الأشياء المثيرة للدهشة، أن الشاب المصري أكد أنه ذات يوم دخل إلى مقام الحسين بمفرده، وتحدث معه كأي شخص عادي، واستأذنه في العمل بمسجده، ليجيب الأخر بالموافقة، ومنذ ذلك الحين صار الشاب على هذا العهد الذي قطعه مع الإمام، مضيفًا: أنه سيظل على هذا العمل حتى آخر يوم في عمره، وكما تربى على حب آل البيت، سيربي أولاده على هذا النهج، لأن الحب فيهم يستحق منّا أن نقضي من أجله كل حياتنا، متابعًا: أن ابنه يأتي معه في كل جمعة.

نتائج اختبارات كلية الشرطة.. الرابط والخطوات

وانهي أيمن حديثه قائلًا: جدول حضوري مستمر في كل جمعة، منذ أول يوم حتى الآن، ولا استطيع التخلف يومًا ما من تلقاء نفسي، لكن عندما اريد الغياب من أجل شيءٍ ما، لابد أن أأخذ الإذن من الحسين: "لازم استأذن الأول، أذهب إلى المقام وأجلس بجانبه وأبدأ التحدث معه، وأخبره أنني لا أريد المجئ في الجمعة المقبلة وانتظر منه الرد، وهو بيقول لي أحضر أو غيب".

وتابع: "أن هذه الخدمة أصبحت بمثابة فرض عين عليه، لابد من قضاءها مصدقًا على كلامه بمقوله معروفة بينهم "فإذا عرفت فلزم" فقد أخذت على نفسي العهد فلابد من الزوم في الأداء".

تابع موقع تحيا مصر علي