عاجل
الإثنين 18 نوفمبر 2024 الموافق 16 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

أحمـد مصطفي أمين يكتب: عفـواً .. نحـن في زمـن المســخ

أحمـد مصطفي أمين
أحمـد مصطفي أمين

ستحل بعد أيام وتحديداً يوم 31 ديسمبر ذكرى ولادة كوكب الشرق سيدة الغناء العربي “أم كلثوم” ، تأملت بعد قراءة هذا التاريخ كيف كان الفن المصري في زمن أم كلثوم و العظماء من جيلها ، يعزز القوي الناعمة المصرية و كيف أن الفن المصري أرتبط بنضال الشعب في كافه المناسبات الوطنية و كان جزءاً لا يتجزأ من الوجدان المصري لدوله تعيش فوق تراكم حضاري تنفرد به عن شعوب الأرض.

 تحيا مصر 

ولكن شتان ما بين زمن الفن الجميل و بين هذا الأنحدار الفني المتعمد والمقترن بسبق الإصرار و الترصد لجريمة نعلم جيداً من يقف ورائها ويدعمها عبر"شوال" من الأسفاف قبل أن يكون من الريالات وفي مناحي عديدة فنيه كانت أم رياضيه،  في زماننا الراهن سرعان ما انقلب كل شيء و تحول الفن و الوعي إلي بيزنس وكان حصاد هذه التجارة بعد رحله طويلة من الهدم بلوغنا مرحلة “حمو بيكا ، حسن شاكوش، مجدي شطة، عمر كمال، كزبرة و حنجرة ، شحتة، وأخيراً شواحـة ”، فمنذ متى كانت مصر مهداً لتلك الأسماء الغريبة الشاذة التي طفت على السطح في أيام حزينة في يناير الأسود ، و الذي أعقبت فوضي عارمة من بقايا الخريف العربي الفني ، يمثلهم هؤلاء الأدعياء، الذين يحملون في أصواتهم وأشكالهم وغنائهم رائحة قنابل الدخان، والحرائق المتناثرة، وسرقة المتحف المصري وحرق المعهد العلمي واحتلال الشوارع والميادين، وغيرها من أيام الذكريات السوداء التي عشناها ونعانى توابعها حتي الآن.

أحمـد مصطفي أمين يكتب: عفـواً .. نحـن في زمـن المســخ

لا فرق بين من يحرق سيارة أو يدمر منشأة أو يقطع الطريق العام، وبين مخربي الذوق العام، القادمين من من بالوعات الفوضى، ولا يعترفون بنظام أو قانون يحمى المجتمع من تجارة البانجو الفني و "خمور وحشيش" والذي صارت بين ليله و ضحاها إلي "تمور و حليب" لينال رضا صاحب الشوال و الفرح.

في واقع الأمر المشكلة ليست في “حمو بيكا وشركاه” ، و إنما في مجتمعنا بشكل كامل ، لأننا نعتبره مجرد ظاهره عاديه أو طبيعيه ، و لم نكلف أنفسنا عناء تحليل مثل هذه الشخصيات المركبة.

ربما يكونوا هولاء موهوبين ، ولكنهم موهوبين بموهبة أشبه بمدمري الحضارات على مر التاريخ ، فقد أرادوا متعمدين و مع سبق الإصرار أن يقدموا للجمهور فناً هابطاً مستوحي من واقع ما تحت الكوبري و إصلاحيات رعاية الأحداث و دراما العالم السفلي ذو السهم المتجه نحو الشمال ؛ ليقود موجة قويه من البلطجة في ظاهرها الانحطاط و في باطنها الإسفاف ، ويرسخ نموذج مبتذل للفن المصري.

أن هؤلاء يشكلون خطرًا كبيراً على مجتمعنا المصري لأن هؤلاء يفسدون بأغانيهم الذوق العام ،ويساهمون في تدمير الشخصية المصرية بالكامل و أعتبره فيما أعتبر انه خطر على الأمن القومي المصري..! فأنه أخطر من فيروس “اوميكرون” ، فربما بعد أيام أو شهور ستتخلص البشرية من هذا الوباء، لكن من الصعب أن نجد علاجاً لفيروس “بيكا شواحه كرون”، حيث أنه يدمر النشيء في المهد فلا سبيل من العلاج فربما يكون الدواء الوحيد هو البتر.

هؤلاء شباب بسيط قدموا من طبقه اجتماعيه لم تحرص على تعليمهم و لم يعثروا على مجتمع واقعي بشكل صحي و لم يحظوا بأيه ثقافة إنسانيه مثلهم مثل ملايين من الشباب افتقدوا القدوة و النموذج ، فأصبح الشارع هو المعلم ، و أصبحت لغة الابتذال لغتهم، و أصبحت الفهلوة دستورهم. شباب افتقدوا المشروع الثقافي و التعليم الحديث فلم يرى هذا الشباب “جامعه” ما تبني شخصيه قادرة على الإبداع أو الفن أو الحوار.

بيكا و شركاه هم نتاج طبيعي لإفرازات مجتمع عانى من تجهيل العقل المتعمد ، و إفراز أكثر لتجريف الشخصية المصرية من مورثوها الثقافي و التاريخي عن عمد ، كي تتقدم أنصاف الدول الصفوف ، فيساق الجميع إلي مزيداً من الانحطاط و الأبتذال.

أيها السيدات و السادة أن هذا الفن هو أبن غير شرعي لواقع مصر التي تم إهمالها عن عمد لما يقرب من نصف قرن كامل في تشكيل الوعي ، و أبحثوا عن علاج لهذا المرض العضال الذي أصابنا جميعاً.

أن حال وطننا الآن بعد عشرات السنين من الهدم وحال ذات الوطن خلال سنواته الزاهرة ، هو أشبه بأغنية لأم كلثوم وأخرى لحمو بيكا و شواحه ، الذي هو حصاد لزرع ونبت ردئ، تمت رعايته وتغذيته لعشرات السنين حتى أنتج هذا القيح  لأننا حقاً اصبحنا في زمن المسخ!!

وفق الله القائمين على أمر هذا الوطن، لإصلاح ما أفسده المفسدون، لتعود مصر وشعبها العظيم، بتاريخها العظيم، وبقدرات شعبها العظيم، لتبدع وتعلم وتتفوق في كافة ميادين العلم والإبداع…فلا يليق بمصر أن تعيش ما تعيشه الآن من واقع ووزن لا يعكس عظمتها وعظمة شعبها…حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وسوء و تحيا مصر.

تابع موقع تحيا مصر علي