مهازل الخلاف حول المهرجانات..الفن من ساحة للإبداع إلى حلبة صراع
ADVERTISEMENT
تراشق لفظي وتجاوز بين أسماء لامعة تعود بالفن وأهله خطوات للوراء
جدل حول جدوى المنع والمصادرة وفارق شاسع مقارنة بالزمن الجميل
تعيش الأوساط الفنية والغنائية في مصر الآن، حالة من الجدل الواسع والهائل التي وصلت إلى درجة من التراشق والسجال التليفزيوني العلني بين أسماء بحجم الفنان هاني شاكر ورجل الأعمال نجيب ساويرس، لتكون العبارة الأكثر انتشارا وتعبيرا للإعلامي القدير محمود موسى بقوله: «خناقات شاكوش وبحرواي تحولت لنجيب وهاني».
يرصد تحيا مصر التطورات التي حلت على الساحة الفنية والغنائية، جراء القرارات النقابية للفنان هاني شاكر ومنعه لمطربي المهرجانات، ودخول رجل الأعمال نجيب ساويرس على خط الأزمة، قبل أن تشتعل مع تدخلات وتعليقات من عديد الفنانين والمطربين، بين مؤيد ومعارض لمنطق منع مطربي المهرجانات.
الزمن الجميل
في الوقت الذي يشتبك فيه نقيب المهن الموسيقية هاني شاكر مع رجل الأعمال نجيب ساويرس، ويطفو على الساحة مطربي مهرجانات ونقاد وموسيقيين من ألوان وخلفيات ونوعيات فنية وموسيقية مختلفة، نشر الناقد والشاعر والكاتب شعبان يوسف، مقالة مطولة، تحدث فيها عن الاستقبال النقدي في أواخر الستينات للعروض المسرحية التي أثارت الجدل، الأمر الذي يظهر فارقا هائلا في طريقة الاختلاف والتقييم للظواهر الفنية بين الماضي والحاضر.
يقدم الشاعر والناقد شعبان يوسف مقارنة بين تقييم أسماء بحجم أنيس منصور، خالد محي الدين، عبد الفتاح البارودى، لعمل فني مختلف عليه، والرقي الهائل في معالجة جوانب العمل الفنية، وقياس أثره على المجتمع، ومدى جودته كعمل فني، دون إطلاق الأحكام عليه بضرورة المنع والحظر وتبادل السباب والتراشق كما يحدث الآن من جانب العديد من الفنانيين المخضرمين على الساحة الفنية.
أزمة المهرجانات
نتحدث هنا على أرضية واسعة من "الغناء الشعبي"، الذي رغم كل مايسود مراحله وتطوراته من تباينات، إلا أن "رابط قوي" يجمع بين أشكاله المختلفة، وهو تعبيره عما يدور "بين الناس"، كخريطة كاشفة عن منظومة القيم والعادات والأحوال في فترات البلاد المتعاقبة، ظهرت المهرجانات في مصر كلون شعبي اتخذ شكله الحالي، في العام 2004، على يد "عمرو حاحا" الذي يفضل مناداته بـ"الدكتور" من منطقة دار السلام، وكان له الفضل في انطلاق أغلب مغنيين المهرجان المعروفين حاليا.
حالة الهجوم الشرس والضاري من جانب المطرب هاني شاكر على المهرجانات، أدت لنشوب خلاف حاد وأسئلة من نوعية: هل نعيش عصر «فرمانات» المصادرة والمنع للفنانيين والأعمال الفنية، و لماذا بات "فقه المنع" هو المنهج المتبع حيال أعمال مختلفة غنائية وثقافية ومسرحية.. هل يمكن مواجهة الفن والفنانيين بقرارات إدارية، ولماذا بات فنانون ومثقفون جزءا من عملية المنع والمصادرة بحق فنانين وتجارب فنية.
مهزلة فنية
في الوقت الذي يشهد فيه المجال الفني والغنائي المصري حالة من التأزم، وعدم القدرة على إفراز تجارب فنية رائدة كالتي بدأت فيها دولا حديثة العهد بالفن ككوريا الجنوبية وأسبانيا، نجد أن القائمين على الفنون في مصر، ينخرطون إلى مشاجرات جانبية والدخول في مهاترات فنية تعطل أكثر مما تطور وتدفع للرجوع خطوات للوراء بلدا من التقدم إلى الأمام.
تحولت حالة التراشق إلى حلبة للصراع بين أسماء بحجم، هاني شاكر وحلمي بكر ونجيب ساويرس وريهام سعيد وبسمة وهبة، الأمر الذي كان يمكن تدراكه بقليل من حالة التفهم لمقتضيات الأذواق الفنية، وأنه يجب أن يكون الحكم للجمهور على الأعمال الفنية.
وأن يكون هناك حدود فاصلة بين دور النقابات، وبين دور القانون أو الشرطة، بمعنى إن النقابات أو النقاد أو أي رقيب فني يقحم نفسه في التحذير من الكلمات الخادشة في رواية، أو عبارات المخدرات والخمور في أغنية ويثير المشاغبات، عليه أن يترك الأمر للقانون والشرطة، وليس نقيب الموسيقيين أو الفنانيين.