قادة طالبان الكبار يصلون إلى كابول استعدادًا لإعلان الحكومة
ADVERTISEMENT
بعد انتهاء الانسحاب الغربي من أفغانستان، وسيطرة حركة طالبان على الحكم في البلاد، انصبت أنظار العالم على العاصمة الأفغانية كابول حيث تستعد حركة طالبان لإعلان حكومتها الأولى، في ظل مفاوضات تجريها منظمات إنسانية مع النظام الجديد بهدف ضمان مواصلة أنشطتها داخل أفغانستان التي باتت على شفير كارثة إنسانية محتملة، ومازالت الضبابية تخيّم على الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد.
تحيا مصروقالت مصادر في حركة طالبان إن الملا بردار، رئيس المكتب السياسي للحركة والمشارك في تأسيسها، سيقود الحكومة الأفغانية التي سيعلن عنها قريباً والتي ستسعى للحيلولة دون حدوث انهيار اقتصادي في البلاد.
قادة طالبان الكبار يصلون إلى كابول استعدادًا لإعلان الحكومة
ونقلت وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر إن الملا محمد يعقوب، ابن مؤسس الحركة الراحل الملا عمر، وشير محمد عباس ستانيكزاي، سيتوليان منصبين مهمين في الحكومة، وقال مسئول بالحركة "وصل جميع القادة الكبار إلى كابول حيث وصلت الاستعدادات لإعلان الحكومة الجديدة إلى مراحلها الأخيرة".
وصرح مسئول آخر من طالبان بأن هبة الله أخوندزاده، الزعيم الديني للحركة، سيركز على الأمور الدينية والحكم في إطار الشريعة الإسلامية.وعلى جانب آخر، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الحكومة الجديدة التي يتوقع أن تشكلها حركة طالبان بعد تعهدها بأن تكون أكثر انفتاحاً، لن تكشف قبل اليوم السبت على أقرب تقدير، وأوضح ناطق باسم طالبان للوكالة الفرنسية أنه ليس من المقرر الإعلان عن الحكومة الجديدة قبل السبت.
وأكد نائب رئيس مكتبها السياسي في قطر، شير محمد عباس ستانيكزاي، لشبكة «بي بي سي» أن الحكومة الجديدة ستعلن في غضون يومين.وفي الأسابيع الأخيرة، أقامت حركة طالبان اتصالات مع شخصيات أفغانية معارضة على غرار الرئيس السابق حامد كرزاي، ونائب الرئيس السابق عبد الله عبد الله، ومن بين السيناريوهات المحتملة المتداولة، يتوقع أن يمارس زعيم طالبان الملا هبة الله أخوندزاده، السلطة العليا كزعيم ديني للبلاد، وستعهد مسئولية إدارة الحكومة إلى شخص آخر. ومن المتوقع أن يشغل المؤسس المشارك للحركة عبد الغني بردار منصباً مهماً داخل الحكومة.
اختبار للرغبة الحقيقية في التغيير
ووعدت حركة طالبان بعد عودتها إلى السلطة، الشهر الماضي، بتشكيل حكومة «شاملة»، وضاعفت منذ دخولها كابول في 15 أغسطس، التصريحات الهادفة إلى طمأنة السكان والمجتمع الدولي، ولذلك فإن تشكيل حكومة جديدة سيكون، بمثابة اختبار للرغبة الحقيقية في التغيير التي أظهرتها الحركة التي اتسم عهدها الأول (1996-2001) بسياسة متشددة تجاه النساء والمعارضين، ورغم ذلك، قد تبقى الدعوات إلى إدماج النساء في الحكومة الجديدة غير مسموعة.
ناشطات أفغانيات ينزلن إلى الشوارعوعلى جهة أخرى وفي ذات المنوال دفع احتمال عدم وجود العنصر النسائي داخل الحكومة ناشطات أفغانيات للنزول إلى الشوارع والتظاهر حيث شاركت حوالى 50 امرأة في تظاهرة ندر مثيلها للمطالبة بحق العمل والاحتجاج على تغييب المرأة عن مؤسسات الحكم في هرات، وهي مدينة كبيرة في غرب أفغانستان قرب الحدود الإيرانية.
وقالت بصيرة طاهري، إحدى منظمات الاحتجاج لوكالة الصحافة الفرنسية إنها تريد أن تضم حركة طالبان نساء إلى الحكومة الجديدة، وأضافت: «نريد أن تجري طالبان مشاورات معنا»، قائلة: «لا نرى نساء في تجمعاتهم واجتماعاتهم.
المانحون والمستثمرونالدوليون
وستكون شرعية الحكومة الجديدة في أعين المانحين والمستثمرين الدوليين شديدة الأهمية لاقتصاد عانى بسبب الجفاف وتداعيات صراع أودى بحياة نحو 240 ألف أفغاني.
وحذرت الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان من كارثة وشيكة، ومن أن الاقتصاد، الذي اعتمد على مدى أعوام على مساعدات أجنبية بملايين الدولارات، على شفا الانهيار. وتقول منظمات إغاثة إن الكثير من الأفغان كانوا يواجهون صعوبات لإطعام عائلاتهم بسبب الجفاف الشديد قبيل سيطرة طالبان على البلاد، وأن الملايين قد يواجهون مجاعة الآن.
أوضاع إنسانية كارثية
أما وكالة الصحافة الفرنسية فلفتت إلى أن 18 مليوناً من أصل سكان أفغانستان المقدّر عددهم بنحو 35 إلى 40 مليون شخص، يعيشون أوضاعاً إنسانية كارثية، وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من «كارثة إنسانية» وشيكة في أفغانستان وحضّ دول العالم على تقديم مساعدات مالية عاجلة في أعقاب انسحاب القوات الأمريكية، وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن المنظمات غير الحكومية تعيش حالة عدم يقين بينما تحاول الحصول على ضمانات بشأن استمرارية برامجها، وقالت المتحدثة باسم المجلس النروجي للاجئين ميشيل ديلاني: «إن فرقنا على الأرض بدأت تنخرط في مناقشات مع طالبان في عدّة ولايات، وطلبوا منّا في كلّ مرّة أن نواصل القيام بعملنا».
المنظمات غير الحكومية
كما أكّدت منظمات غير حكومية أخرى أنها تجري محادثات مع حركة طالبان، بغية مواصلة عملياتها على الأرض أو أنها تبلّغت ضمانات أمنية لمواصلة البرامج القائمة.هذا وقد علقت حركة طالبان تصاريح العمل الممنوحة لمنظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر في المناطق التي سيطرت عليها، قبل إعادتها لاحقاً، وكانت هذه العقوبة فُرضت على اللجنة الدولية للصليب الأحمر طيلة أشهر عام 2018، فضلاً عن طلب طالبان حينها تغييرات في حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي اعتبرها البعض مؤامرة غربية لتعقيم الأطفال المسلمين أو تقويض إيمانهم، ولفتت الوكالة إلى أن أفغانستان وباكستان هما البلدان الوحيدان لا يزال شلل الأطفال متفشّياً فيهما.ويذكّر العديد من عناصر الإغاثة بأن حركة طالبان طلبت، في وقت سابق من هذا العام، وقف المشاريع التي تساعد النساء على الحصول على استقلالية ومنع وصول العاملات في هذا المجال إلى الأراضي التي يسيطرون عليها.وتقول نائبة مدير منظمة كير الدولية في أفغانستان ماريان أوغرادي: "الجميع يسأل عمّا سيحصل إن كلّ أعمال المنظمة المروّجة لحقوق المرأة لا تزال قائمة".ويشكّل الحفاظ على أمن المهمات مسألة حساسة أيضًا في واحدة من أكثر المناطق خطورة لأعمال الإغاثة.غير أن المنظمات غير الحكومية تؤكّد أن لا نية لديها في أن تخفف وجودها ونشاطها، خصوصاً تلك التي كانت تعمل أصلاً في مناطق سيطرة طالبان. ويقول المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر فلوريان سيريكس إن التحولات في أفغانستان لم تؤثر على علاقتنا مع طالبان والوضع الحالي لا يبدّل من طريقة تصرّفنا.وأعرب عناصر إغاثة أجانب آخرون غادروا البلد نهاية أغسطس، عن رغبتهم بالعودة.
أطباء بلا حدود
ويحذّر ممثّل أطباء بلا حدود في أفغانستان فيليبي ريبيرو، من أن الوقت ينفد وقد تواجه البلاد نقصاً في الإمدادات الطبية في الأشهر المقبلة، وتمّ تطعيم قرابة 1% من سكان أفغانستان بالكامل ضد فيروس كورونا الشهر الماضي، وفق بيانات جمعتها وكالة الصحافة الفرنسية.
قطر
إلى ذلك، بعد أسبوع تقريباً من انتهاء الجسر الجوي الذي أقيم في مطار كابول لإجلاء أفغان ورعايا أجانب، تواصل الشبكات الدبلوماسية نشاطها في محاولة لمساعدة اللاجئين الأفغان. ويفترض أن يقوم وزير الخارجية الإيطالي بزيارة لأوزبكستان وطاجيكستان وقطر وباكستان. ومن المقرر أن يزور نظيره البريطاني المنطقة الأسبوع المقبل. وتعمل قطر على إعادة فتح مطار كابول «في أقرب وقت ممكن»، وهو مطار ذو أهمية حاسمة لعبور الدعم الطبي والإنساني إلى البلاد.