عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ألفة السلامي تكتب: بكاء وزير الدفاع البريطاني !

تحيا مصر

أشعر خلال متابعتي للأحداث في أفغانستان أني أمام فيلم شاهدته من قبل؛ ليس مهما الأسماء، ربما الطاقم جديد والأبطال والكومبارس والمجاميع، وربما الإخراج أيضا لكن بنفس "الرصة" والحشود وحتى ردود الفعل السياسية والإعلامية.

ورغم كون الفيلم هابطا مؤلما في انحطاطه إلا أن الإنتاج يعيد الكرّة والأحداث تتشابه بفزع وبتمويل ضخم وخسائر تتجاوز كل مرة!

ولا استغراب من بكاء وزير الدفاع البريطاني ونحنحته وصمته لحظة ميلودرامية كما يفعل الممثلون على خشبة المسرح عندما ينوون إعلان مصيبة قد تستدر عطف المشاهدين.

فهل يتوقع أن ننهار مثله بالبكاء ونتعاطف مع فشل جيشه في إخراج المواطنين البريطانيين المتبقين في أفغانستان وحلفائهم المحليين؟ّ!.

يبدو أنه كان يمسك "بيبرونة" حليبه عندما دخلت قوات بلاده بعد الحادي عشر من سبتمبر تدكّ الأفغان؛ وربما لم يكن وزير الدفاع البريطاني حينئذ قد صلب عوده عندما وصل عدد ضحايا الأفغان في الجيش والشرطة جراء قصف قوات الناتو 66 ألفا، ناهيك عن مئات الآلاف من الضحايا المدنيين الذي توقفت منظمات عمدا عن تعدادهم حتى لا يأتون في جملة عابرة ضمن تقرير ساخط حول حقوق الإنسان فربما يسيء إلى بريطانيا، بلد الديمقراطية العريقة التي تأوي الإرهابيين وعصابات التهريب والفساد !

فلتبك إذن يا وزير دفاع مملكة المستعمرات القديمة والعبيد الذين أسرهم جدودك، فذاكرة الأحرار لا تنسى -وما أشبه اليوم بالبارحة وبالماضي البعيد- والعالم يعلم أن رأسك الذي طأطأته أمام الكاميرا وأنت تزف حطام سياستكم وتستدعي التعاطف إنما هو محاولة لإبقاء رؤوسكم منخفضة على أمل أن تطير معظم الأحجار باتجاه واشنطن! 

ولا أدري من أين أتى وزير الدفاع البريطاني بتلك الثقة في أن يصدق العالم ودافعو الضرائب روايته بأنه في الإمكان الحفاظ على "المكاسب  الحيوية" التي تحققت طيلة عقدين في أفغانستان... نفس هذه الحكومة البريطانية التي لا تثق في حفاظ طالبان على سلامة الدبلوماسيين البريطانيين الذين يتم إجلاؤهم على عجل وتذرف الدموع من أجلهم، فكيف يمكن أن تثق بوعد جماعة طالبان بعدم العودة إلى حكم العصور الوسطى الهمجي وكيف تروج بأن قيادة الجماعة تعهدت بعدم التعرض للموظفين واحترام المرأة وعملها و المستثمرين على اختلاف جنسياتهم ودياناتهم؟!

لوهناك مكاسب حيوية مزعومة فهي لطالبان، وعصابات الفساد والسلاح والمخدرات التي ستعود لنشاطها وتهدد الحدود الآمنة وتدمر الشباب الواعد والمستقبل الذي كان أكثر إشراقا بدونهم. وعجبي!

ولا استغراب أيضا عند مشاهدة التغطيات الحية للكارثة في أفغانستان بينما تدير أمريكا وظلها بريطانيا وحلفائهما ظهورهم لما يحدث، حيث نجد قناة الجزيرة "الرائدة في إظهار الحقيقة" كما تدّعي دائما في شعاراتها تُسمّي الحراك الشعبي في تونس انقلابا .. بينا تصف زحف طالبان على المدن الأفغانية للسيطرة عليها انتقالا سلميا للسلطة. نعم إنها نفس القناة بنفس الإدارة والمذيعين والأطقم المدجّنين بالكذب وتزييف الحقيقة. وعجبي !

ولا استغراب من بعض تغطيات القنوات الأمريكية كما هو الحال في الجزيرة حيث نصبطت العزاء ولا حديث لها إلا عن حزن السماء ودقات أجراس الكنائس وكيف فقدت أكثر من ألفين وثلاثمائة جندي أمريكي ضمن أكثر من ثلاثة آلاف من قوات الناتو لقوا مصرعهم في أفغانستان، وكيف بددت الحرب تريليون دولارا من أموال دافعي الضرائب. لكن يغيب الحديث عن الإرهاب الذي صنعته الحرب وجحافل الإرهابيين الذين تم تفريخهم لينتقلوا إلى دول تكتوي بنارهم.

ووجب التذكير بإجابة الرئيس السيسي ‏في حواره مع قناة CBS الأمريكية عندما سأله المذيع قبل عدة سنوات لماذا لم تستطع مصر القضاء على الإرهاب في سيناء حتى اللآن. رد الرئيس بسؤال مستشرفا المستقبل الذي نرى وقائعه اليوم: ..ولماذا لم تستطع أمريكا القضاء على الإرهاب في أفغانستان على مدار أكثر من عقد ونصف وإنفاق تريليون دولار؟!

[email protected] 

تابع موقع تحيا مصر علي