ألفة السلامي تكتب لـ "تحيا مصر" من تونس:التوانسة يتطلعون إلى النهضة المصرية
ADVERTISEMENT
شعور جميل يعانقك خلال التجوال في شوارع تونس ويملأ القلب بهجة عندما تلمح في عيون الناس الأمل وقد عاد إليهم ولمع بريقه في عيونهم بعد جملة القرارات التي أصدرها الريس قيس سعيد بإقالة الحكومة وتعيين رئيس جديد لها تحت إشرافه وتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وبدء التحقيقات القضائية مع الضالعين في الفساد وتمويل الإرهاب.
التجربة المصرية فى تونس
وعند الحديث مع الناس في الأسواق والمقاهي تشعر بأن التجربة المصرية ملهمة للتونسيين ويتطلعون إليها في إرساء الأمن وتحسين سبل الحياة الكريمة واسترجاع الأمل لجعل أحلامهم ممكنة بعد أن ظلت مستحيلة لسنوات. ولعل التجربة المصرية فى التخلص من الإخوان هي الأبرز وقد تكون سيناريو مليئا بالدروس والعبر للاستفادة من فصوله و تصحيح النهج الذي سارت فيه تونس طيلة السنوات الماضية منذ حكم الترويكا الذي تزعمته النهضة.
السوق العربي
و التوانسة في أي مكان تلتقيهم سواء في السوق العربي أو شارع الحبيب بورقيبة أو القنطاوي أو حتى محلات السوبرماركت يعبرون عن حبّهم لمصر و تقديرهم للرئيس السيسي بمجرد أن يعرفوا أنك من مصر.
العاصمة الادارية
وبلا مبالغة تكتشف أن الناس يتابعون التطورات في مصر أولا بأول ويشيرون إلى الإنجازات العديدة منها العاصمة الجديدة وشبكة الطرق العالمية والقطار الكهربائي ومتحف الحضارة الجديد وغيرها من المشروعات التي يتحدثون عنها بفخر وكأنهم يعيشون بيننا.
أدهشتني سيدة تعمل في "كافيه" مطل على كورنيش بو جعفر في سوسة عندما قالت إنها استمعت إلى آخر خطاب للرئيس السيسي بمناسبة تدشين مشروع حياة كريمة وأخذت تسرد بعفوية تفاصيل القرارات التي تحدث عنها الرئيس. وقد أذهلني إلمامها بما يحدث في مصر والحب الذي تكنه لمصر بل هو عشق وحماس منقطع النظير لمصر و رئيسها حتى أنها قالت ضاحكة إنها تشعر بالغيرة وكانت تتمنى لو تحقق هذا أيضا في بلدها.
الاحداث فى تونس
تطورات الأحداث في تونس حاليا تشير إلى أنها في طريقها للتخلص من حكم الإخوان، عبر محاسبة ومعاقبة من أجرموا فى حق الشعب وسيطروا على مقوماته ونهبوا موارده واحتكروا فرص العمل والمناصب وأصبحوا من أصحاب الملايين والممتلكات في سنوات معدودة. أحد الشباب العشريني اسمه يسري ويعمل في شركة عقارات بالعاصمة قال أيضا إنه يتابع مصر و النهضة الاقتصادية المدعومة بسياسات للحماية الاجتماعية تجاه الفئات المحتاجة للرعاية وأن هذا حلما يتوق لتحقيقه في تونس بنفس أجواء السلامة والأمان اللذين يتمتع بهما المصريون "بلا رعب أو خوف، وبلا إرهاب".
التحركات الشعبية
التحركات الشعبية من جهة والاتحاد العام التونسي للشغل وعدد من النشطاء خاصة بين فئة الشباب من جهة أخرى ساندوا الرئيس سعيّد مع تأكيدهم على بعض الضمانات منها سرعة فتح ملفات الإخوان وأنصارهم في الفساد وتمويل الإرهاب وتبييض الأموال و تعيين حكومة إنقاذ وطني من خيرة الخبرات الاقتصادية والمالية والأمنية والحفاظ على مسيرة الانتقال الديمقراطي السلمي.
إذن، لا شيء يعلو فوق إرادة الشعب و لا مجال للتشكيك في مشروعية قرارات الرئيس سعيّد أمام الإرادة الشعبية. وتزداد هذه الثقة بعد توالي المواقف الداعمة من أطراف عربية ودولية شركاء تونس؛ ونفس الأمر بالنسبة لصندوق النقد الدولي الذي أبدى استعداده للمساندة في خطة الإصلاح المزمع تنفيذها في تونس.
إخوان تونس
أما إخوان تونس فعندما تتحرك تحت أقدامهم الرمال سرعان ما يطئطئون الرؤوس حتى لا يبلعهم زلزال "قيس سعيد" فيلجؤون للحديث عن التهدئة والبعد عن العنف بعد أن كانوا يحشدون أنصارهم للنزول إلى الشارع لرفض قرارات الرئيس كما أنهم يستعطفون التوانسة بالحديث عن معاناة الفقراء والمساكين وضعاف الحال على الرغم من السنوات العجاف التي لم يلتفتوا فيها إليهم وإلى بؤسهم المتزايد.. هذا تكتيك حفظه التونسيون عن ظهرقلب وأصبحوا يدركون بلا رجعة أن حزب النهضة المتلاعب بهم هو السبب الرئيس في تدني أحوالهم وتدهور أوضاعهم. يأتي ذلك بعد أن فشل الإخوان في إدارة البلاد رغم الفرص التي اقتنصوها بل وفشلوا أيضا في الدعوة للاعتصام أمام مبنى البرلمان احتجاجا على قرارات الرئيس. وقد أحبطت أجهزة الأمن محاولتهم لاستخدام قناة الجزيرة لإعلان عصيانهم المدني كما كانوا يخططون.
مفاجأة الرئيس باغتتهم وشلّت حركتهم كما أحبطت مؤامراتهم. وكانت النهضة قد اتفقت مع مكتب الجزيرة بتونس لإرسال جهاز بث فضائي إلى منزل هشام المشيشي رئيس الحكومة المُقال لكي يظهر على الهواء مباشرة و يعلن عن رفضه لقرارات الرئيس التونسي و دعوة الشرطة إلى المقاومة باعتباره يشرف على وزارة الداخلية بعد إقالته للوزير شرف الدين. وقد تنبهت الأجهزة الأمنية لما يتم التجهيز له واتجهت قواتها إلى مكتب الجزيرة وصرفوا العاملين به ثم أغلقوه. كما اتجهت قوات أخرى إلى منزل المشيشي وحاصرته. وقد فهم المشيشي الرسالة جيدا وأعلن أنه سيسلم الحكومة إلى الوزير الأول الجديد فور تعيين الرئيس له.
التونسيون خلال أزماتهم الاقتصادية والاجتماعية ووطأة جائحة كورونا عرفوا من عدوهم ومن حبيبهم. لذلك لم يستغربوا أن الدولة الأولى التي تحدثت عن انقلاب في تونس كانت تركيا. و يتطلعون الآن إلى "تنظيف" القضاء و تشكيل حكومة بلا إخوان أو أنصارهم، كما يبحثون عن تنظيف الأسواق من المستعمر الجديد لأسواقهم حيث أصبح كل شيء "تركي" حتى المنتجات البسيطة التي تُصنّع محليا حتى أن مصانع تفلس وتغلق أبوابها ويشرد عمالها ليزدهر الاقتصاد التركي وتمتلئ جيوب سماسرته من الإخوان.