عاجل
الأحد 22 ديسمبر 2024 الموافق 21 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

عمرو عزت حجاج يكتب: إسماعيل عبدالحافظ أول من ثار وواجه

تحيا مصر

لا نؤمن فى علم التاريخ بفكرة إعادة التاريخ لنفسه، فالأمس غير اليوم غير الغد، ولكن هذا لايعنى وجود قطيعة تامة بينهم، فالمقدمات التاريخية المتشابهة قد تؤدى إلى نتائج متشابهة، ومن يتابع ظروف مصر خلال ثمانيات وتسعينات القرن الماضي وظروفها، اليوم سوف يجد أن فى كلاهما كانت تتصدى مصر لخطرين أساسيين هما الفساد والإرهاب، مع اختلاف واحد وهو أن مصر الآن يقودها نظام سياسي يجاهد بحق لاستئصال هذين المرضين من الجسد المصري.

الفن ودوره فى الحرب على الإرهاب

وللفن دور أساسي  فى هذه الحرب المعلنة بين الدولة ومن خلفها المجتمع من طرف والفساد والإرهاب من طرف آخر، وهذا يتطلب منا أن نُلقى الضوء على تجربة المخرج الكبير إسماعيل عبد الحافظ، أحد أعظم رموز الفن المصرى خلال الثمانيات والتسعينات ودوره فى مواجهة الإرهاب لنأخذ منها العبرة من جانب ولتكون حافز لتوظيف الفن فى مواجهة خطرين يهددان مصير الوطن.

إسماعيل عبدالحافظ أول من ثار وواجه

فالمخرج الكبير إسماعيل عبد الحافظ (1941 – 2012) قد خصص جُل تجربته الفنية التىى بلغت ذروة تألقها ونضجها خلال الثمانينات والتسعينات لمواجهة التوأم الملتصق المتمثل فى الفساد والإرهاب، والدليل على ذلك أن رغم تنوع وتغير مؤلفين أعماله إلا أن دورها الدفاعى القائم على حماية المجتمع من هذين الخطيرين ظل قام مشترك فى كل هذه الأعمال، كما أن من خصوصية هذه التجربة إنها كانت  تليفزيونية ودرامية، وبالتالى فهى  كانت موجهة للأسرة المصرية بشكلها العام بغض النظر عن كونها ريفية أو حضرية وبغض النظر عن مستوها المادى أو الطبقى، مما جعل تجربته اوسع انتشارا وأكثر نجاحًا بين ابناء جيله وحتى الأجيال  اللاحقة لجيله.

التحول الكبير

ونلاحظ من خلال تجربة المخرج إسماعيل عبد الحافظ إنه كان دائما يبعث رسالة مفادها أن الإرهاب وليد الفساد الغير شرعى، وأن كلاهما مظهر أساسي لغياب مشروع قومى يتمحور حوله المجتمع، فلم يذهب توفيق البدرى الصغير «علاء مرسي» إلى طريق الإرهاب، خلال أحدث مسلسل «ليالى الحلمية» تأليف أسامة أنور عكاشة، إلا بعد أن انتهى مشروع مصر الوحدى النهضوى خلال الستينات، وحل محله مشروع انفتاح السداح مداح فقد على البدرى "ممدوح عبد العليم" البوصلة وأصبح «محمد متولي» خُمس النصاب واللص يسرق أموال الناس تحت شعار توظيف الأموال وفى ظل التمسح بالدين الكريم .

تيه المجتمع وتخبطه

وكذلك فى مسلسل العائلة، تاليف وحيد حامد، لم يُصبح مصباح «طارق لطفي» إرهابي، إلا بعد أن أصبح تاجر المخدرات رجل الانفتاح سمير الدكش «أحمد راتب» نجما من نجوم المجتمع ورجل من رجال أعمال السبعينيات، الذين افسدوا المجتمع، ففقد جزء من ابنائه البوصلة، واعتقدوا أن الجهل باسم الدين والقسوة باسم الحق هو العاصم لهم من تيه المجتمع وتخبطه.

نموذج الدولة الحديثة عهد الرئيس السيسي

وهذا ما تنبهت إليه الدولة فى عهد  الرئيس عبد الفتاح السيسي وتسعى لتحقيقه، وهو تقديم نموذج الدولة الحديثة المتقدمة، التى تلعب دورها الحيوي فى مجالها الاقليمى والدولى، وفى نفس الوقت تُحقق التنمية الداخلية، وتسعى للضرب بيدً من حديد على أيادى الفاسدين، لتممكن من أن يعيش ابنائها فى ظل حياة  آدمية تتناسب مع  حقوقهم كمواطنين مصريين، وفى ظل هذا كله لا تغفل شر الإرهاب ولا مخاطره فتواجهه بشراسة وقوة، وهكذا تعالج المرض الرئيسي وما تفرع  عنه من  أمراض فى نفس الوقت.

الفن 

ولعل هذا يثبت صحة رؤيتى أن الفن يكون دائمًا سباق بالتشخيص الصحيح  للمرض المجتمعى، وطرح طرق العلاج له أحيانا، وليس علينا فقط إلا الاستماع إلى لصوته وأخذ رؤيته فى الاعتبار، آملين أن تكون تجربة المبدع الكبير الراحل  إسماعيل عبد الحافظ نموذجًا مضيئًا أمام كل مبدع مصرى سواء  فى جيلنا الحالى أو فى الأجيال المقبلة، لأهمية الفن فى تعرية مشاكل  المجتمع والسعى لحلها، وختاما رحم الله مبدعنا الكبير.  

 

عمرو عزت حجاج

عضو مجلس الشيوخ

تابع موقع تحيا مصر علي