ألفة السلامي تكتب: سقوط «إريكسين» وسرُّ إنعاش القلوب!
ADVERTISEMENT
عادت للأذهان سيناريوهات حزينة في الميادين الرياضية، بعد السقوط المفاجئ لنجم منتخب الدنمارك ولاعب إنتر الإيطالي، كريستيان إريكسين، في الدقيقة 42 من مباراة بلاده منذ أيام مع فنلندا في أولى مواجهات المنتخبين ضمن مباريات المجموعة الثانية في يورو 2020، وأنقذته العناية الإلهية وتدخل الأطباء في الوقت المناسب لإنعاش اللاعب.
طبيب الفريق قال: "لقد كانت سكتة قلبية؛ رحل وقمنا بإنعاش القلب وأعدناه بسرعة!"، ربما كان دعاء الجمهور أيضا الذي هتف بإسمه وهو ملقى على أرض الملعب بمثابة قبلة الحياة التي أغاثت إريكسين وأنعشت قلبه أيضا.
الأطباء لا يزالون في حيرة لأن من غير الواضح سبب حدوث ذلك لإريكسين الذي لعب كامل مسيرته الاحترافية بأقل عدد من الإصابات، وقدم أداءً على أعلى مستوى لأياكس وتوتنهام وإنتر.
لكن الحادثة الأخيرة تنذر بالخطر وتستوجب وقفة من الاتحادات الرياضية والفيفا نظرا لتفشي هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة خاصة أن التساؤلات حول الأسباب وطرق الوقاية مازالت بدون إجابات شافية، وقد لفت نظري أحد التقارير الطبية الذي ربط كثرة هذه الحوادث بين الرياضيين وحتى الشباب من غير الرياضيين بكثرة استهلاك مشروب الطاقة، وحذر التقرير بناء على دراسات أكاديمية وتجارب موثقة من خطورته على الصحة حيث يتسبب في الإصابة بالعديد من الأمراض مثل خفقان القلب، والتشنجات، وارتفاع ضغط الدم، والقيء، وقد يصل الأمر إلى الوفاة.
وأتوقف عند عدد من المواقف في خضم حادث إريكسين لعلها تقدم دروسا مستحقة للميادين الرياضية.. فسرعة ردود الفعل في الملعب تكون صائبة لدرجة تسهم في إنقاذ حياة اللاعب فيما يخسر لاعبون آخرون حياتهم لغيابها. وقد رأينا ذلك سابقا في الملاعب على غرار كأس العالم للقارات فرنسا 2002، عندما توفي الكامروني مارك فيفيان فوي بسكتة قلبية خلال المباراة ضد كولومبيا، وقد لاقى نفس هذا المصير من قبل اللاعب الإنجليزي داف لونغهارست، كما تكرر نفس المشهد مع اللاعب الزامبي تشاسوي نسوفوا ونجم الكرة التونسية الهادي بن رخيصة، وعشرات غيرهم في شتى ميادين الرياضة بل وعشرات غير محترفين أيضا سقطوا خلال ممارسة النشاط الرياضي على غرار الفنان القدير نجم ليالي الحلمية ممدوح عبد العليم.
وفي ظل غياب التوعية والوقاية حتى الآن فإن النجاة في هذه الحوادث الخطيرة يتطلب سرعة ردود الفعل وهو ما تحلى بها كابتن الدنمارك سيمون كيير الذي انتبه إلى خطورة الموقف وسارع لتعديل وضع جسم ايركسن واستنجد بالحكم الذي دعا الأطباء لسرعة الدخول للملعب وإسعاف اللاعب بينما بادر كيير من جديد بتشكيل درع حول صديقهم الملقى على الأرض حفاظًا على كرامته كما دعم نفسيا العديد من زملائه الذين انهمكوا في البكاء، وسارع مع لاعبين آخرين لمواساة سابرينا زوجة ايركسن التي كانت في حالة ذهول من شدة الصدمة.
أما الطريقة الرائعة التي تفاعل بها العالم مع هذا الحادث فتعني الكثير أيضا لأن التعاطف والحب الذي حاز عليه لاعب كرة القدم ينعش القلب حقا ويشعره ورفاقه بالفخر مما يجعل هذه الرياضة جديرة بالاستثمار فيها اليوم وغدا وكل وقت وهي في قيمة الاستثمار في المصانع والبورصات بل وأكثر لأنه استثمار دائم في البشر والمواهب والحياة والمشاعر والقلوب!
وعلى ذكر الاستثمار الناجح في الرياضة، يقفز لذهني منتخب الدنمارك كمثل لذلك حيث أن أول مرة توج فيها ببطولة كأس الأمم الأوروبية كانت غير متوقعة بل كالحلم. كان ذلك عام 1992 قبل انطلاق البطولة في السويد بعشرة أيام ودون خوض مباريات التأهل حيث شارك بالصدفة بدلًا من منتخب يوغوسلافيا بسبب الحرب التي كانت دائرة آنذاك وانفصال عدة دول عنها.
والطريف أن لاعبي الدنمارك تم جمعهم من على الشواطئ كما تردد آنذاك لأنهم وقتها كانوا في عطلاتهم الصيفية بعد نهاية الموسم حتى أن الصحف كتبت وقتها "الدنمارك من الشواطىء إلى منصة التتويج". تذكرت هذه المانشتات عندما قرأت أمس تصريحات كاسبر بعد زيارة زميله إريكسين في المستشفى قائلا: "سنلعب جميعًا من أجل كريستيان". ولا وجود للمستحيل مع الدنمارك... فهل يفعلها كاسبر وزملاؤه هذه المرة ويعيدوا معجزة والده حارس المرمى بيتر شمايكل وزملائه عندما قادوا فريقهم من الشواطىء إلى التتويج في 1992 ... هذا ما وعد به كاسبر لإسعاد كرستيان وجمهور الدنمارك.
لننتظر مباراة اليوم الخميس مع بلجيكا، ثم مواجهة روسيا الإثنين المقبل، لنتبين مدى صدق الوعد والعزيمة لزملاء إريكسين لينعشوا هذه المرة قلوب عشاق الكرة من مناصريهم!