عمرو عزت حجاج يكتب: وانطفأت أضواء المسرح
ADVERTISEMENT
تتحلى قلة نادرة من الفنانين بقدرة رهيبة على التسلل داخل قلب الجمهور ،حتى يصبح بمرور الوقت بمثابة جزء اصيل من ذاكرة كل فرد منه ،فتتحول أعماله إلى مُذكر لمناسبات ومحطات حياة والذكريات الخاصة بكل فرد.
مسيرة حافلة للراحل سمير غانم
من هولاء الفنانين النجم الكبير الراحل سمير غانم (1937 – 20مايو 2021) ،الذى تمكن بموهبة فطرية قوية ،وبأسلوب تلقائي بسيط، من أن تتحول شخصياته واعماله إلى جزء اساسي فى حياة وتجربة افراد الجمهور المصري والعربي ،فعندما يذكر اسمه امامنا نسترجع طفولتنا وتعلقنا بشخصية "فطوطة" ،ونتذكر اجتماعنا امام شاشة التلفاز ايام الاعياد لمتابعة مسرحياته ،وخصوصا مسرحيته "المتزوجون" التي قدمها مع رفيق دربه الراحل جورج سيدهم (1938 – مارس 2020) ، وحتى فى لحظات الكآبة واستذكار الموت نتذكر جمل وكلمات مسعد ابو السعد، تلك الشخصية الحزينة ذات الحس الطريف التي نسجها ببراعة الراحل العظيم "لينين الرملى" فى فيلم "الراجل الذى عطس" ،وقدمها بمهارة متناهية تمزج بين الكوميديا والشجن العبقري سمير غانم.
سمير غانم علامة فنية للبهجة
الحق أن من يستعرض تجربة سمير غانم الفنية منذ تأسيسه فى بداية الستينات مع رفيقى دربه الراحلين الضيف احمد (1936 -1970) وجورج سيدهم فرقة (ثلاثى اضواء المسرح) ، يجد نفسه منبهرًا بقدرة هذا الفنان الغريبة على الارتجال وانتزاع الضحك الصافى من قلوب مشاهديه ،حتى وهو يقدم اضعف السيناريوهات، ولذلك فقد أصبح سمير غانم علامة فنية للبهجة والضحك البسيط.
اقرأ أيضًا..عمرو عزت حجاج يكتب: الدراما الوطنية.. بين المتعة الفنية والدفاع عن الهوية المصرية
من المثير للاعجاب فى ممثلنا القدير الراحل ،أنه مع عظمة ادائه وموهبته الفذة ،كان يتعامل بمنتهى البساطة ،فلم يخرج علينا كما اعتاد بعض الادعياء ،فى الحديث عن رؤيتهم الفلسفية والمعرفية الفذة ،والتى يتعمدوا ان يضعوها فى اعمالهم الفنية وخصوصا المسرحيات ،حتى تحولت اعمالهم إلى خطب انشائية فارغة ،ليس فيها ادنى ابداع فنى ولا حتى قدرة صحيحة على معالجة الموضوع الذى يزعمون تقديمه.
الفنان القدير سمير غانم، كان صادقًا مع نفسه ومع جمهوره ،فى كونه فقط يسعى لرسمة البسمة على وجهوهم ونزع هموم الحياة من قلوبهم اليسير من الوقت، وهى مهمة عظيمة لو تعلمون.
ولعل هذا هو سر تعلق الجمهور بفناننا الراحل ،فهو لا يدع عليهم ،ولا يقوم باستعراض افكار نخبوية فجة فى اعماله ،حتى يظهر نفسه كفنان نخبوى مثقف ،كما يفعل البعض،وهم فى الحقيقة يخفون عقدهم ونقائصهم الشخصية ،وإنما قدم نفسه لهم كانسان بسيط مثلهم ،يعشق الحياه ،ويرغب فى امتاع من حوله ،لذلك احبوه بشدة ،وحزنوا عليه ،كواحدًا منهم.
وحتى على المستوى الانسان قدم الفنان الراحل سمير غانم نفسه للجمهور ،كرب اسرة هادئ الطبع ومحب لاسرته، ما انعكس ذلك على اسرته التى عشقها الجمهور كأسرة فنية يتمتع افرادها بالموهبة ،وحسن الخلق، فلم يصدر عن أى من افرادها اى مشاكل اوخلافات ،فقدمت بفضل ربها نموذج للاسرة المحبوبة الطيبة الصادقة سواء عند زملاء المنهة، اوعند الجمهور.
وفاة سمير غانم
ولذلك كله يمكن القول ان رحيل النجم الكبير سمير غانم قد مثل خسارة فادحة للفن المصري بشكل عام ،وللمسرح المصري بشكل خاص ،حتى اننا لا نبالغ اذ قلنا ان بوفاته قد أنطفأت أنوار المسرح المصري حزناً وألماً على أحد أبرز فرسانه.
عمرو عزت حجاج تنسيقية شباب الاحزاب والسياسيين