ألفت المزلاوي تكتب: هل من العقل أن تتبرع مصر بهذا المبلغ الكبير لغزة؟
ADVERTISEMENT
فى البداية لو سألتك وقلت: برأيك، هل توافق عزيزي المواطن على تبرع مصر بمبلغ مالى كبير لإعمار غزة إثر تعرضها لهجمة بربرية هى الأعنف من حيث الانتهاكات و التدمير والقصف المتواصل وما خلّفته من انهيارات لمبانى ومؤسسات هي الأوسع وسقوط ضحايا عدد كبير منهم من الأطفال والنساء وتدمير شبه كامل للبنية الأساسية للقطاع المكتظ بــ 2 مليون نسمه؟
لو كانت إجابتك بــ ( نعم أوافق ) على التبرع والمساعدة وأن تقوم مصر بواجبها فأنت على صواب ولا فُضّ فُوك، وسأدعم موقفك بأسباب أخري فى السطور التالية، أما إذا كانت إجابتك ( لا أوافق )على التبرع من باب أن المبلغ كبير على مصر التى تعانى معاناة اقتصادية كبيرة، فأسمح لى أن أقول لك: أنك لست متسقا مع نفسك، وأن كافة مظاهر الغضب والاحتجاج والحزن وتغيير صورة "بروفايلك" على الفيس بوك إلى صورة "علم فلسطين" ، وساهمت فى نشر "الهاشتاجات" المنددة، وشاركت مقاطع الفيديو المؤثرة، فإن كل ذلك كان مزيفا منك، غير صادق وغير حقيقي.
من وجهة نظري تتجلي أهمية مبادرة التبرع لإعمار غزة فى نقاط عديدة ، أهمها خمسة، هى: 1- اختار الرئيس أن يسبق كلمة تبرع بكلمة مبادرة (مبادرة تبرع) ومعناه أن مصر تبادر بالتبرع، لتفتح الباب لتبرعات أكبر من بقية الدول وخصوصا دول الخليج التى تتمتع بظروف اقتصادية ممتازة، وسنسمع من الآن فصاعدا صدي المبادرة المصرية على جملة التبرعات التى ستنهمر على غزة لإعمارها.
2- تبرع مصر - التى يعمل الله والناس حالتها الاقتصادية السيئة - معناه أن مصر هي الأخت الكبري التى لا تترك شقيقاتها الصغريات فى أزمة لأي سبب، وأن للكبير مسئولية يجب أن يقوم بها فى أوقات الأزمة مهما كان ظرفه، فالأزمات تمر والتاريخ لا يرحم.
3- التبرع المصري يحمل رسالة قوية لدولة الاحتلال مفادها بأن غزة شديدة الأهمية لمصر وستسارع بإعمار ما خلفته ألة الحرب الغاشمة وأنها لن تسمح بأى حال من الأحوال بإعادة الكَرّه و ستتخذ تدابير سياسية وأمنية كافية وكفيلة لمنع المحتل من أن تسول له نفسه بالاقتراب من أرض فلسطينية يتم إعمارها بأموال المصريين.
4- التبرع المصري أغلبه "عينيًا" لا "نقديًا"، فلن تُحِّول البنوك المصرية هذا المبلغ الكبير إلى بنوك القطاع، إنما ستقوم مصر بإرسال ما قيمته مواد بناء وأجهزة وامدادات وأيدي عامله وإشراف هندسي وفني وخلافه، والتبرع لن يكون نقدا بأى حال من الأحوال.
5- التبرع المصري يحمل رسالة أقوي لقادة حماس التى تسيطر على قطاع غزة، بأن مصر تبادر بمَدّ يد العون منذ اللحظة الأولى لاندلاع العدوان حين فتحت المعبر واستقبلت مستشفياتها المرضي وإدخلت المساعدات وقبلت بالنازحين وها هى أيضا تتبرع لإعادة الإعمار على نفقتها وهو ما لم يحدث من قبل بهذا السخاء، مقابل أن تشعر حماس وقادتها - ولو لأول مرة - بمسئوليتها وتمنع تسلل العناصر المسلحة إلى سيناء كي تتوقف هناك العمليات الأرهابية ويتثني لمصر تعمير أرض الفيروز التي تبلغ ثلث مساحتها، ورعاية أهلها وتعظيم الاستفادة من مواردها .
الدولة المصرية كبيرة وتفهم يقينا ما تقوم به، وتقرأ جيدا كل خطوة تتخذها من حيث محاسنها ومسالبها ، ولولا أن الرئيس السيسي يعلم مدي أهمية هذه الخطوة ودلالتها لما أقبل عليها أبدا سيما وأن أحدا لن يذهب إلى معاتبته ما لم يفعلها.