ألفت المزلاوى تكتب: لماذا لا نشن حربا ؟ تساؤلات يلزم الإجابه عنها
ADVERTISEMENT
تزحف أسئلة كثيرة ومشروعة إلى وجدان وعقل كل عربي وهو يشاهد أعمال القتل المنظم وتداعيات الهجمة الاسرائيلية البربرية الشرسة على شعبنا الفلسطينى فى قطاع غزة.
الصراع العربي الإسرائيلي
جُل هذه الأسئلة يتمحور حول سؤال واحد له وجاهته وعمقه وأهميته، إذا كانت الحكومات العربية صرحت وتواصل التصريحات برفضها الكامل لما يحدث فى الأراضي الفلسطينى خلال الأيام العشرة الأخيرة، فلماذا لا تطلق صواريخها وتحرك جيوشها وتشتبك مجتمعة للقضاء على هذا الاحتلال البغيض لتحرر الأراضي المقدسة؟ هل لا تملك تلك الحكومات التعبير عن الغضب إلا بالتصريحات الرافضة والتنديد والشجب وطلب العودة إلى المفاوضات وإحلال السلام؟!
لكل دولة الحق فى الاختيار
أقول إن لكل دولة لها الحق الكامل فى اختيار ما يناسبها من طرق الرد على ما يحدث من عدوان سافر مرفوض، وأن حكومات تلك الدول تعلم يقينا من موقع مسئوليتها أن قرار الدخول فى حرب مكشوفة لها كُلفتها الكبيرة التى لا تتناسب مع امكانياتها الاقتصادية ولا تليق بطموحات شعبها فى مستقبل أكثر استقرارا وأمنا وهدوءا.
دخلت مصر مع اسرائيل ثلاثة حروب متوالية دفاعا عن أرضها وتراثها وانتصارا لاستقلال ترابها الوطنى، ما فقدته مصر من جنود وعتاد ومدخرات ألقي بظلاله وثبت نتائج الكارثية فى عقلية القادة وظل يذكرهم فى كل المرات التى تمارس فيها دولة الاحتلال عدوانا جديدا أن الحرب شر كبير وخسائر جمة وخراب لا طائل منه، لذا سارعت مصر بإنهاء حربها الأخيرة فى اكتوبر 1973 واستجابت لطلب وقف إطلاق النار وبعد أن كانت قد استردت جزءا محدودا فقط من أرضها ، لتذهب إلى المفاوضات والشراكة الأممية والمعاهدات التى مكنتها من استعادة كامل أراضيها، بعدها واصلت مصر وإلى الآن تحديث الجيش وتزويده بالعتاد وبقوى الردع المختلفة واهتمت بتدريب الجنود وإعداد كل ما يلزم لحيازة القوة، لكنها تملتئ قناعة بأن قوة أسحلة الردع تكمن فى امتلاكها لا فى استخدامها.
الحكومات لا تمتلك رفاهية العاطفة التى تتمتع بها الشعوب، لأن مسئولية تاريخية وشعبية ستظل ضاغطة وحاكمة لقراراتها، والتجارب السابقة تدعوها إلى إعادة النظر والترقب والمتابعة وتجهيز العرائض وصياغة العبارات وبذل جهود التسوية، لكنها فى الوقت ذاتها تديرا حربا ضروسا عبر تفعيل المقاطعة وتهميش التعاون المشترك بطريقة لا تقل نتائجها عن حروب بطائرات الرافال والدبابات والصواريخ بعيدة المدى.
إن ما يجب أن تفعله الحكومات العربية الآن خصوصا الدول الأربعة التى طبعت علاقاتها مع اسرائيل مؤخرا، أن تعلن لشعوبها العودة إلى النقطة صفر وإغلاق سفاراتها ومكاتبها هناك لأن ما تفعله دولة الكيان الآن فى أراضينا المحتلة يتنافى مع غاية التطبيع وهو الوصول إلى سلام دائم وشامل يضمن الحقوق الفلسطينية كاملة على أراضيها ومقدساتها وكرامة أهلها.
إن نتنايهو الذي يقود دولته إلى الهلاك لتحسين صورته التى تهاوت، بدت عليه أثار الهزيمة والمفاجأة وقوة رد الفعل العسكرى والشعبي وأن الدعم الذي يتلاقاه من الولايات المتحدة الأمريكية قطعا لن يدوم ، فالتظاهرات التى تشهدها أمريكا نفسها الرافضة للعدوان الاسرائيلي، سيجعل إدارة بايدن تعيد النظر فى الدعم وفى الحماية وفى غض الطرف عن الانتهاكات المتواصلة، فالقضية الفلسطينية تعيش ولا تموت لأنها عادلة.