ألفة السلامي تكتب عن مفاجأة "بن علوي": "ربيع عربي" ثانٍ في الطريق!
ADVERTISEMENT
لا يمكن أن تمر تصريحات يوسف بن علوي، وزير الخارجية العُماني السابق، مرور الكرام، حيث تنبّأ في أول ظهور إعلامي وُصف بـ"التاريخي" عبر التلفزيون الرسمي للسلطنة بـ"ربيع عربي ثانٍ" في المنطقة العربية، شبيه بـ"الربيع العربي الأول" قبل عشر سنوات.
ويرى إشارات تنبئ بالأحداث القادمة، حيث أن الظروف الراهنة في المنطقة العربية في ظل الأوضاع التي خلفتها جائحة كورونا تشبه الظروف التي سبقت الربيع العربي عام 2011، وهناك تشابه في كيفية إشعال الفتيل أو "تلبيق النار" على حد تعبيره.
وما تنبأ به بن علوي الذي يلقب بـ "أب الدبلوماسية العمانية" من بوادر ربيع عربي جديد، لا يبدو مجرد قصة من صنع خياله، لأنه رجل مخضرم قضى 23 عاما وزيرا للدولة للشؤون الخارجية، لذا كلماته محسوبة ويعي جيدا ما يقول. لكن السؤال الآن بعد أن انتهى الحوار وبدأ الجدل الواسع هو عماّ إذا كان كلام الدبلوماسي المتقاعد "تحذيرا" أم "تبشيرا".
بربيع عربي ثانٍ، وإذا ما كانت التسريبات تتقاطع مع إحياء مؤامرة الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاّقة مع عودة الحزب الديمقراطي للحكم في أمريكا والذي سبق أن تورط في نشر الفوضى في ربوع العالم العربي خاصة في فترة أوباما - كما كشفت عن ذلك "إيميلات" وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بين عامي 2009 و2013- من أجل مزيد من الهيمنة والتحكم في المنطقة.
والحقيقة أن هذا الجدل سببه أن التصريحات تضمّنت تلميحات تفيد التحذير والتبشير معا، خاصة في مقطع من الحوار ذكر فيه بن علوي حرفيّا: "أعتقد أن منطقتنا ربيع واحد (فيها) لا يكفي".. لافتا إلى أنه "بمجرد ما يحصل، فهذه مشكلة، والحديث عن كل العالم العربي".
وفي الوقت الذي أعاد سعوديون وإماراتيون تداول تسجيلات منسوبة لـ "بن علوي" تتهمه بـالتآمر ضد دول خليجية لاسيما مع العقيد القذافي، قال الكاتب السعودي خالد الزعتر إن المنطقة العربية تتطلّع لبناء المستقبل وصناعة تنمية حقيقية "ولن تدفع الشعوب ثمن الانصياع مرة أخرى خلف الشعارات.
التي يصنعها الإخونجية". بينما كتب الإماراتي عبد السلام البلوشي إن "بن علوي يعبّر عن تكتّل آخر مختلف عن تكتّل الإخونجية والعثمانيين و"هدفه الأكبر إضعاف السعودية مقابل إيران"!.
وفي المقابل، غرّد الصحفي القطري جابر الحرمي أن ما قاله بن علوي "مبعثه الخوف على مستقبل المنطقة العربية"، فيما رأى الكاتب العُماني زاهر المحروقي أن "بن علوي عرف كيف يضع اليد على الجرح".. في ضوء معاناة الشعوب العربية من ظروف صعبة دفعته لدق ناقوس الخطر وتوجيه النصيحة للحكومات قبل أن تنفجر الأوضاع من جديد.
ومهما تفاوتت القراءات فإن بن علوي عرّاب سياسيّ محنّك، ومن المعروف عنه الحصافة وسعة الاطلاع، وحسن اختيار كلماته بدقّة، وقد أراد عن قصد توصيل عدد من الرسائل المهمة؛ وقد وصلت، بما في ذلك ما لم يقله بن علوي صراحة، ويبقى الآن أن تُؤخذ مأخذ الجدّ، بقطع النظر عما إذا كانت تسريباته مبنيّة على مجرّد تحليل المشهد العربي أو معلومات لا تنقص وزير خارجية سابق كان صاحب الرقم القياسي في بقائه بمنصبه وعلاقاته العميقة بأنظمة كبرى و أجهزة استخباراتها.
وفي كلتا الحالتين فإن الأمر يستوجب دراسة وبحثا، واستعدادا مبكّرا وقبل وقت كاف بعدد من السيناريوهات المحتملة، للحيلولة دون المزيد من الاصطدامات مع وضع متأزم متأثر بجائحة كورونا في عديد الدول العربية، وأدّى إلى تراجع معدلات التوظيف وزيادة أعداد العاطلين وتدهور للأوضاع الاقتصادية، خاصة في الدول المرتبطة بالنفط بعد انخفاض غير مسبوق في سعره.
وقد تتضاعف الجدية عند تناول هذه الإشارات التي لوّح بها بن علوي حول احتمال اندلاع ربيع عربي ثان و ربطها بإشارات مماثلة سبق أن أطلقها في نهاية فبراير الماضي رئيس الحكومة المغربية السابق، عبد الإله كيران، زعيم حزب العدالة والتنمية وأحد واجهات "الإخوان"، خلال مشاركته في مؤتمر حول دروس الربيع العربي، قائلا إن "الثورات في مصر وتونس لم تمت، والمشكلة ما زالت موجودة والمعركة مستمرّة".. ونسي أن يقول إن المؤامرات أيضا مستمرّة!!