عاجل
الثلاثاء 05 نوفمبر 2024 الموافق 03 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

النائبة ألفت المزلاوي تكتب : أسامة هيكل – إقالة وليست استقالة

تحيا مصر

يقول أهل اللغة أن الزيادة فى المبني زيادة فى المعنى، فكلمة "إقالة" معناها عَزْل مسئول عن منصبه لفشل أو سوء استخدام للسلطة ما ترتب عليه إحداث خلل وإلحاق ضرر، أما "استقالة" فهى كلمة تشير إلى قيام الشخص نفسه بطلب عزل نفسه عن المنصب إعلانا منه بعدم المقدرة على إدارة منصبه بما يحقق مصلحة للدولة ولمواطنيها.

ما تم الإعلان عنه مؤخرا بتقديم وزير الإعلام لاستقالته هو غير صحيح والصحيح أنه تمت إقالته لرصد الأجهزة الرقابية النابهه عددا من المخالفات الصريحة كانت قد استفزت الشعب ونوابه ، فطالبوا بإقالته ومحاسبته، فـ "أسامة هيكل" شأنه شأن كافة الوزراء السابقين والأسبقين الذين تمت إقالتهم لأسباب تعود إلى التقصير والفشل وغياب النجاحات المطلوبة ، فأدي سلوكهم المعيب  إلى احتقانات وملاسنات شعبية عارمة، وأسفرت عن مطالبات نيابية بعزلهم، إلا أن الصحف يبدو أنها قد اعتادت على استبدال الكلمة الصحيحة "إقالة" بالكلمة الخاطئة "استقالة" فهم لم يستقيلوا من جراء أنفسهم ولا يمتلكون ضميرا يعينهم على ذلك، واستخدام كلمة "استقاله" لا يخرج من كونه "عادة" صحفية هدفها الوحيد الحفاظ على المسئولين من وقع وإهانة كلمة "إقالة" ولا أعلم سببا لهذا التجويد المُخّل وهم فقط المسئولون عن فشل إداراتهم للوزارات كانوا قد مُنحوا فيها صلاحيات كاملة، فأساءوا استخدامها!

مصر ليست أوروبا، التى تهتم بدلالة اللفظ ودقته، فوزراء أوروبا حين يقترفون خطأ ولو يسيرا كتأخر عن موعد أو كسر إشارة مرور، أو إساءة معاملة أحد المرؤسين، فيبادرون بالاعتذار مصحوبا باستقالة تعج بعبارات توبيخ الذات، لأنهم –كما يرون- قد قاموا بما يخرجهم من كونهم القدوة والمرآة والصورة العميقة لأوطانهم.

فى مصر لم نسمع عن استقالات لوزراء - بمعنى  (الاستقالة) لا (الإقالة) - إلا فى عهد الرئيس السادات، حين قرر إعمال شخصيته الشخصية كرئيس ، حتى وإن خالفت السلوك السياسي لسلفه الزعيم عبدالناصر، كتوجه السادات إلى الكتلة الغربية وأمريكا بدلا من الكتلة الشرقية والإتحاد السوفيتي، وهنا قام عدد من الوزراء بتقديم استقالات جماعية اعتراضا على نهج السادات الجديد فى الحكم، واقعة أخرى حدثت فى عهد السادات أيضا، حينما أقدم وزير الخارجية "إسماعيل فهمي" بتقديم استقالته اعتراضا على اتفاق كامب ديفيد واستهجانا ببسط نفوذ أشرف مروان مدير مكتب السادات وإرسال كمبعوث شخصي  فى مهمات خارجية كان يراها إسماعيل فهمى من اختصاصاته. عدا ذلك –على ما أذكر- فإن كافة وزراء النقل والزراعة والمالية والداخلية والإعلام وغيرهم ممن تم الإعلان عن  تقديم استقالاتهم كانت إقالات وليست استقالات كما أشار لذلك الإعلام وكتبته الصحافة.

أما عن أسباب إقالة هيكل فهى كثيرة، فقد ساءت إدارته لوزارة الإعلام وفشل فى إدارة مواردها الناعمه وساهم فى جعلها مديونة بمليارات الجنهيات وقطعا هى مديونيات ستسدد من أموال الشعب وموازنته، وهو وزير أخفق فى تحقيق أقل الإنجازات ولم يتمكن من مواكبة  التطوير، ولا الحفاظ على جودة الإعلام المصري، وغابت ملامح منهج الإداره عنده، فأدي إلى تراجع الصحف القومية، وأصبح التليفزيون المصري بلا مشاهدات أو عائدات، بل صار بلا كفاءات، بلا تحديث، وبلا رؤية، فضلا عن غياب إسهاماته الواضحة فى صد الهجمة الإعلامية الشرسة ضد مصر، بل تركها تزيد كل يوم بلا خطة مواجهة، حتى حينما انخفضت سخونتها بعض الشيء فى الأونه الأخيرة، كانت بفعل السياسة والتسوية والمصالحات، لا بفعل قدرتنا الإعلامية على الصد والرد!

إن إقالة هيكل من وزارة الإعلام، هى رسالة صريحة وبداية لعدد من الإقالات المتلاحقة التى ستطول كل من بدد واستخف واستغل وألحق بوزارته الفشل فى توقيتات دقيقة تمر بها الدولة المصرية، ترمي  تحركات الرئيس فيها من خلال مبادراته الشاهقة وطموحاته الكبيرة إلى التحديث والتنمية والتطوير، وتؤكد على ضرورة أن تصبح معها نسبة الإخفاق أو الفشل فى إدارة الملفات صفرا.

تابع موقع تحيا مصر علي