عاجل
الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

بطالة الشباب.. الجانب المظلم في أزمة كورونا بأوروبا

البطالة تضرب أوروبا
البطالة تضرب أوروبا بسبب كورونا

لاشك أن لفيروس كورونا، جوانب كثيرة مظلمة، لا يتحدث عنها المسئولون ولا المواطنين العاديين الآن، لكن تأثيرها لاشك سيظهر آجلا أم عاجلا.

ولعل مشكلة البطالة من أهم المشاكل التي تواجه المجتمع الدولي في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا، وتأخر نتائج اللقاحات المقدمة للقضاء عليه.. وكالة أسوشيتد برس الأمريكية فتحت تحقيقًا حول الأمر.. جاء فيه..

قلّما يتحدث الناس عن تداعيات جائحة كورونا على سوق العمل بالنسبة للشباب. الأرقام مفزعة في أوروبا، لكن ذلك لم يجعل السياسيين يهتمون بالظاهرة، رغم أنها تقود العديد من الشباب إلى اليأس والإحباط والقبول بأجور زهيدة.

لا يستطيع جوردي باتلو (24 عاما)، القاطن في برشلونة، إخفاء الحزن الكامل في صوته وهو يحصي عدد طلبات العمل التي أرسلها خلال الأشهر الماضية. فرفض مثل هذه الطلبات أو عدم الرد عليها أضحى روتيناً مريراً لخريجي الهندسة والأعمال: "ضعف التجاوب من لدن الشركات يحسسني بأن كلّ ما قمت بها لا يساوي شيئاً".

عندما أنهى دراسة الماجستير في مدرسة معروفة متخصصة في الأعمال في شهر يوليو 2020، لم يكن لديه من خيار سوى فرصة تدريب لمدة قصيرة، والآن هو عاطل عن العمل، شأنه شأن الملايين من المتخرجين في أوروبا الذين يعانون لأجل إيجاد مكان شاغر في سوق عمل مزدحم. تصل نسبة البطالة بين الشباب حاليا في أوروبا إلى 17 بالمئة، ما يقارب ضعف النسبة العامة للبطالة حسب بيانات أوروستات.

منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) كانت قد حذرت في أكتوبر 2020 من أن جيلاً بالكامل من الشباب في أوروبا يوجد في خطر البطالة لأن أصحاب الشركات قرّروا عموما تعليق عمليات التوظيف خلال جائحة كورونا، ما أدى إلى "تسونامي" من الطلبات لكل فرصة من عروض العمل.

وبسبب الرفض الذي يتعرّضون له، وما يسببه من قلق وإحباط، يعدّ الشباب إحدى الفئات التي تضرّرت بسبب تداعيات جائحة كورونا، دون أن يُسمع لهم صوت عن معاناتهم أو أن أصواتهم تنسى وسط ضجة الوباء.

طلب كبير.. عرض قليل

في مكان آخر، وتحديدا دبلن، تجلس جورجيا بورنس، عمرها 23 عاما، في السرير الذي قضت فيه طفولتها. منذ أن تخرجت بماجستير في التدبير من لندن شهر سبتمبر 2020 وهي تعاني من المخاوف ذاتها التي يعانيها باتلو: "عندما بدأت دراسة الماجستير، ظننت أنني سأحصل على عمل فور تخرجي، ثم جاءت الجائحة. أنا الآن في فترة تدريب بدوام غير كامل، أحصل من خلالها على أقل أجر ممكن. لكن ليس هذا ما كنت أتصور أنني سأحظى به".

ارتفع عدد الباحثين عن عمل أو العاطلين في الفئة العمرية ما بين 15-24 في دول الاتحاد الأوروبي بـ5 بالمئة في السنة الماضية حسب أوروستات. إيطاليا وإسبانيا تضررتا بشكل أكبر، فنصف الشباب المنتمين إلى هذه الفئة العمرية لم يجدوا عملا.

"في كل وظيفة، نسبة المترشحين ضعف ما كان عليه الحال سابقا. هذه الوظائف المخصصة للمبتدئين، يتقدم إليها من لديهم خبرة سنتين أو ثلاث". يقول باتلو من إسبانيا.

المشغلون من جهتهم يعترفون بالأمر، إذ يقول أوليفيي زيشيك، رئيس وحدة توظيف في ألمانيا، لـDW، إن الشركات ومكاتب العمل توصلت بطلبات توظيف زادت نسبتها 42 بالمئة خلال خريف 2020 مقارنة بخريف 2019، ما جعل المشغلين أمام صعوبة كبيرة في الاختيار.

الجانب النفسي.. أحد أكبر الهموم

ومع الحجر الصحي الذي تمّ إعلانه في أكثر من مكان، أضحى صعبا بالنسبة لبورنس أن تحتفظ بالأمل، لكن التجول مع الأصدقاء الذين يبحثون بدورهم عن العمل يمثل عاملا عاطفيا مساعدا: "بالفعل يساعدك كثيرا أن تجد شخصا يفهم طبيعة الوضع".

حوالي 50 بالمئة من الشباب في العالم يظهرون علامات من القلق والإحباط وفق ما بينه استطلاع رأي عام 2020 أجرته المنظمة الدولية للعمل والمجلس الأوروبي للشباب. ولم تذكر رئيسة المفوضية الأوروبية، أورزولا فون دير لاين، البطالة بين الشباب كواحدة من اهتمامات الاتحاد الأوروبي في فترة الجائحة، في وقت تصل فيه تداعيات بطالة هؤلاء إلى استمرار الأجر الزهيد بينهم، فضلا عن ارتفاع نسبة اليأس في نظرتهم للمستقبل.

"نتلقى رسائل بأنه يجب أن نستمر إلى الأمام وأن كل شيء سيعود كما كان، ولكن خطر فقدان جيل كامل لم يعد مؤقتا"، تقول سيليا ماركولا، رئيسة المجلس الأوروبي للشباب لـDW، لافتة أنها تشعر كما لو أن صناع السياسة الأوروبية باتوا ينسون وضع الشباب.

كما أن الأعمال المؤقتة التي اضطر لها الشباب مؤخرا لا تدخل ضمن خانة الحماية الاجتماعية، ومن ذلك العقود المؤقتة وفرص التدريب غير مدفوعة الأجر، كما أن التداعيات على الصحة النفسية لا تدخل ضمن دائرة الاهتمامات.

فكر خارج الصندوق

غير أن هناك من تؤدي به مثل هذه الظروف إلى التفكير في حل غير معهود. إيستر جارديم من لندن، حملت لوحا كبيرا كتبت عليه تلخيصا لسيرتها الذاتية مع عبارة أنها تبحث عن عمل، ودارت بها داخل أشهر منطقة أعمال في لندن!

فكرت جارديم في هذه الحيلة بعد تخرجها عام 2009 خلال الأزمة الاقتصادية العالمية، وبعد أشهر من الرفض اهتدت لهذه الطريقة التي مكنتها من الحصول على 30 مقابلة عمل، اختارت من بينها العمل في وكالة شهيرة للموارد البشرية.

"تحدي إيجاد عمل جعلني أطور إحساس المقاومة بشكل مبكر. تعلمت أن أنهض من جديد وأنفض الغبار عن نفسي"، تقول جارديم لـDW. لكن ليس ضروريا حمل اللوح مجددا، فالآن مع مواقع التواصل الاجتماعي يمكن التواصل مع المشغلين بشكل مباشر: هذه المواقع أزالت فعلا الحواجز. يمكنك الآن مراسلة مسؤول كبير برسالة خاصة وقد يجيبك"، تضيف المتحدثة.

تابع موقع تحيا مصر علي