عاجل
الثلاثاء 05 نوفمبر 2024 الموافق 03 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

بعد «رسالة السيسي».. مفاوضات «سد النهضة» تبدأ بشرط سوداني جديد

سد النهضة الإثيوبي
سد النهضة الإثيوبي

تتسارع الأحداث المرتبطة بقضية سد النهضة الإثيوبي، منذ رسالة التحذير التي أطلقها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بأنه لن يسمح بالمساس بحصة مصر من مياه النيل.

وقال السيسي خلال جولته بالمجرى الملاحى لقناة السويس، الثلاثاء الماضي، «لا أحد يستطيع أن يُقدم على هذه الخطوة -يقصد المساس بحصة مصر من مياه النيل-، ومن يرد أن يفعل فليرنا ماذا يمكنه أن يفعل، وهذا ليس تهديدًا لأحد، إنما تأكيد على حقنا في المياه.. معركتنا هي معركة تفاوض، والأسابيع المقبلة ستشهد تحركات في هذا الاتجاه، والأمور تحكمها القوانين الدولية ذات الصلة بالمياه العابرة للحدود، ونتمنى أن نصل إلى اتفاق قانوني ملزم ومنصف».

وتابع الرئيس السيسي: «إحنا مش بنتكلم كتير، محدش يقدر ياخذ نقطة مياه من مصر، اللي عايز يجرب يجرب، عمرنا ما هددنا، حوارنا دائماً رشيد وصبور، وعدم الاستقرار في المنطقة لا يتخيلها أحد، نحن لا نهدد، ماء مصر لا مساس بها والمساس بها خط أحمر».

آخر التطورات

وفي آخر التطورات، قال وزير الري السوداني ياسر عباس، الأحد، إن الملء الثاني لسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا، على النيل الأزرق، أحد أبرز روافد نهر النيل، يجب أن يتم بعد الاتفاق مع مصر السودان.

واستأنفت المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة، بين مصر والسودان وأثيوبيا، أمس السبت، وتستمر لمدة 3 أيام برعاية فيليكس تشيسيكيدي رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية ورئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي.

وتشارك الدول الثلاث بوفود مكونه من وزيري الخارجية والري للبلدان الثلاث، وأعلنت الخارجية المصرية أن وزير الخارجية سامح شكري ووزير الري الدكتور محمد عبدالعاطي، سيشاركون في الوفد المصري، ومن جانبها أعلنت السوادن أن كل من وزيرة الخارجية الدكتورة مريم الصادق ووزير الري والموارد المائية بروفيسور ياسر عباس، سيغادروا من الخرطوم إلى كينشاسا اليوم للمشاركة في اجتماعات سد النهضة الإثيوبي.

ويحظى هذا الاجتماع بأهمية كبرى كونه أول اجتماع عقب تولي الكونغو رئاسة الاتحاد الافريقي فبراير الماضي، خلفاً لدولة جنوب أفريقيا كما أنه أول اجتماع بعد تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، شديدة اللهجة الذي حذر فيها من الانتقاص حال المساس بحصة مصر من مياه النيل.

اجتماع استكشافي

الدكتور هاني رسلان رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يرى أن «اجتماع سد النهضة المقبل سيكون اجتماع استكشافي ولا يجب أن نتوقع منه الكثير»، مرجحا أنه من المبكر أن تقوم إثيوبيا بتعديل موقفها الآن قائلاً: «10 سنوات ونحن ندور في الحلقة المفرغة».

وأضاف رسلان في تصريحات صحفية، أن الأجندة الاثيوبية أصبحت واضحة وأن الأمر لا يرتبط بتوليد الطاقة وأن المساعي الاثيوبية تهدف لتقاسم مياه النيل، مشيراً إلى أن هذا امر لم يكن وارد باتفاق المبادئ الموقع 2015، الخاصة ملء وتشغيل، لكن الاجندة الخفية اصبحت الأن ظاهرة.

وذلك في إشارة إلى تصريحات سابقة لنائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي ديميكي ميكونين، قال فيها: «لا أحد سيمنع إثيوبيا من ممارسة حقها العادل في استخدام نهر النيل لتنميتها حيث تساهم بنسبة 86% من المياه».

في المقابل، جاءت آخر تصريحات السفير الإثيوبي بالقاهرة، ماركوس تيكلى ريكى، بلهجة أقل حدة، قال فيها إنه سيتم استئناف المفاوضات بشأن ملف سد النهضة مع مصر والسودان قريبًا، للتوصل لاتفاق مرضٍ مع جميع الأطراف برعاية الاتحاد الإفريقي.

وأضاف «ريكى»، خلال مؤتمر صحفى بمقر السفارة الإثيوبية بالقاهرة، الأربعاء،عقب تصريحات السيسي، «لم يتم التواصل مع إثيوبيا رسميًا بشأن لجنة الوساطة الرباعية التي اقترحها السودان وسمعنا عنها من وسائل الإعلام فقط»، موضحًا أن أديس أبابا دائماً تركز على المفاوضات وتعمل على حل الخلافات بطريقة سلمية.

وحول تقييم رسلان للتصريحات الإثيوبية خلال الفترة الماضية قال رسلان إن تصريحات إثيوبيا حتى الآن هي نفس التصريحات السابقة، مضيفاً: «تصريحات فاقدة للمصداقية بشكل كامل ومنفصلة عن الواقع، والحديث عن عدم الضرر إهانة لعقول من يستمعون إليها».

الجانب الأمريكي بدوره دخل على الخط بتصريح لسامويل وربيرج، المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، حث فيه أطراف أزمة سد النهضة على التوصل إلى حل تفاوضي وتجنب الخطوات أحادية الجانب.

وعلق رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام على هذا التصريح قائلاً: «إن تصريحات الرئيس خلقت تحركا في المجتمع الدولي» مشيراً إلى أن الموقف الأمريكي يتفق مع كل من مصر والسودان، ولعل هذا الموقف يتطور.

وحول فرص التوصل إلى اتفاق قبل موسم الفيضان -شهر يوليو- قال رسلان إنه من الممكن التوصل لاتفاق في أقرب وقت، مؤكداً أن التفاصيل الفنية قتلت بحثاً طوال العشر سنوات الماضية، لافتاً إلى أن ما عقد التوصل لاتفاق هو غياب الارادة السياسية، ولفت إلى أنه حال توفر الإرادة السياسية من الممكن صياغة الاتفاق خلال أسبوعين

وبشأن إمكانية قبول إثيوبيا لمقترح اللجنة الرباعية المكونة من (الاتحاد الافريقي والامم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة)، قال رسلان إن «اللجنة الدولية مقترح يتضمن آلية ملزمة للتوصل لاتفاق لكن الغاية التوصل لاتفاق شامل وملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد».

اتفاق جزئي

ويتفق معه في الرأي الدكتور أيمن عبدالوهاب، خبير الشؤون الإفريقية وحوض النيل، ونائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قائلاً أنه بالطبع سيكون الاجتماع استكشافي.

وحذر عبدالوهاب في تصريحات صحفية: أن الاجتماع يأتي محاولة لاستيعاب تصريحات الرئيس السيسي، وأنه يأتي كاستمرار للمراوغة الاثيوبية. ولفت عبدالوهاب إلى أن تصريحات السيسي تدل على أن الصبر المصري بدأ ينفذ لافتاً إلى أن المطالب المصرية التي ستكون حاسمة في الإجتماع خاصة أن رفاهية الوقت انتهت، مع اقتراب موسم الفيضان وإصرار إثيوبيا على الملء الثاني للسد.

وذكر نائب مدير مركز الأهرام أنه يجب تأجيل ملء السد حال عدم التوصل لاتفاق نهائي بملء وإدارة السد، والاستناد على اتفاق واشنطن ليساعد على إنجاز الاتفاق في وقت قصير .

ونبه عبدالوهاب إلى أنه يجب التركيز والضغط في مسألة الإدارة الثلاثية للسدود، ليكون هنالك إدارة كاملة لمنظومة السدود مشيراً إلى أن ذلك ما يضمن لنا مستقبلاً التزام إثيوبيا بالاتفاقيات وقت الجفاف

وفي قراءة مختلفة لسير المفاوضات يرى نائب مدير مركز الأهرام أن أثيوبيا تركز على مدة ملء خزان السد للتغطية على نقطة أهم مرتبطة بتشغيل السد.

ولفت إلى أن اثيوبيا تحاول أن تسعى لاتفاق جزئي بشأن الملء، وترك مسألة تشغيل السد معللاً ذلك بأن أديس أبابا تغطي على المشكلة الأكبر وهي تشغيل السد خاصة في مراحل الجفاف والجفاف الممتد، وأضاف «المشكلة ليست في مدة الملء فقط، لكن أثيوبيا تستخدمها كورقة تفاوض لتغطي على مسألة تشغيل السد».

ولفت عبدالوهاب إلى ضرورة التركيز على قضايا أخرى لا يتم تناولها مثل أمان السد مشيراً إلى أن معدل أمان السد 1.5 وهو معدل منخفض، مما يجعل السد مهدد بالانهيار أو الغلق نتيجة الطمي.

من جانبه قال السفير الأثيوبي بالقاهرة أن هدف اثيوبيا كان ملء السد خلال 3 سنوات، ولكن وافقنا على الملء من 5 لـ7 سنوات نزولاً على رغبة دول المصب، مشدداً على أن أديس أبابا ملتزمة بالمفاوضات والحلول السلمية.

حالة الأمطار 

وحول المدة المناسبة لملء السد يقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة: «ليس الموضوع موضوع سبع أو عشر سنوات»، مضيفاً ربما على العكس تسمع الأمور بخمس إذا كانت الأمطار غزيرة .

وأضاف في تصريحات صحفية، أن الموقف المصري في المفاوضات يرتكز على أن تكون مدة الملء وحجز المياه تكون مرتبط بحالة الأمطار، مشيراً إلى أنها المسألة فنية وليس عدد محدد بالسنوات بطريقة جافة، وأضاف أن الظروف الهيدرولوجية، وحالة السدود وكمية المياه فيها، يجب أن تشكل المحدد في هذا الأمر. من جانبها ذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، الأربعاء الماضي، أن أديس أبابا بدأت في إزالة الأشجار من الغابات المحيطة بسد النهضة؛ تمهيدًا للمرحلة الثانية من عملية ملء السد في يوليو المقبل، خاصة وأن تصريحات المسئولين الإثيوبيين تؤكد عزمهم على ملء السد.

لكن أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة يقول أنه حتى الآن هيكل السد غير مؤهل للملء الثاني، وأنه يحتاج لعمل إنشاءات هندسية تستغرق شهر لتعلية السد ليكون مؤهل للملء الثاني وهذا الامر غير متحقق حتى الآن.

وأشار شراقي إلى أن ذلك يضع السودان في حيرة من أمره حيث أنه إذا كانت إثيوبيا ستقوم بملء السد بإنه يجب عليه الاستعداد عبر تخزين المياه في بحيرات السدود الخاصة به، أما إذا كانت أثيوبيا لن تقوم بملء السد في موسم الفيضان فإن ذلك يستعين على السودان تصريف المياه في سدودة استعداداً لموسم الفيضان.

تابع موقع تحيا مصر علي