النائب عمرو عزت يكتب لـ تحيا مصر:إلى عبد الله الشريف أراجوز الإخوان .. إياك وتاريخ الكنيسة القبطية
ADVERTISEMENT
لا احد ينكر الموقف الشجاع الذى اتخذته الكنيسة المصرية طوال سنة الاخوان المشئومة ،فقد حرصت الكنيسة على التضامن مع كافة قوى المجتمع الوطنية للوقوف ضد محاولات الاخوان للسيطرة على المجتمع ومفاصل الدولة ،كما انها أيدت حق المصريين الكامل فى التعبير عن رفضهم لاستمرار حكم الاخوان وفاشيتهم وذلك من خلال تأييدها لمظاهرات 30 يونيو وقرارات 3 يوليو .
وقد جعلها هذا كله هدف اساسي فى مرمى نيران جماعة الاخوان الارهابية واشياعها ،سواء ذلك خلال حكمها او حتى بعد سقوطها ،ولم يقتصر الامر على الضربات المباشرة كحرق الكنائس وتفجيرها فقط ،وانما كان التركيز الاساسي على عملية تجريف تاريخ هذه المؤسسسة العريقة وطمس هويتها الوطنية .
وقد كانت من هذه المحاولات البائسة فى هذا المجال ،ما قام به المدعو عبد الله الشريف ،من تخصيص حلقة فى برنامجه على اليوتيوب بعنوان "الكنيسة السياسية" والمنشورة بتاريخ 27 /9 /2018،لتشويه تاريخ الكنيسة القبطية ،ورغم قصر وقت الحلقة " 11 دقيقة " ،الا انها احتوت على الكثير من الاخطاء والاكاذيب ،التى ساسعى لرصد ابرزها وتفنيدها فى هذا المقال ،وذلك على النحو التالى :-
1 – ذكر الشريف ان الرومان قبل الفتح العربي كانوا كاثوليك ،والحق ان تبلور المذهب الكاثوليكى سوف يتم بعد ذلك بكثير وتحديدا فى الفترة ما بين قطيعة فوشيوس عام 869 م وحتى الانفصال النهائي بين الكنيسة البيزنطية وكنيسة روما عام 1054م ،بنما عند الفتح العربي لمصر ،كان العالم المسيحى منقسم الى تيارين التيار الارثوذكسي اللا خلقيدونى ومنهم الاقباط والذين امن بطبيعة واحدة للمسيح ،والتيار الارثوذكسي الخلقيدونى الذى امن بطبيعتين للمسيح وكان منهم الرومان .
2 – ذكر الشريف ان المصريين عند الفتح العربي ،منقسمين الى 70%وثنيين ،و30% مسيحيين
والسؤال كيف يمكن الحصول على احصاء دقيق بهذا الشكل خلال القرن السابع الميلادى ؟وما مصدر الرجل لاحصائه ؟!!
ولكن ندع الاجابة عن السؤالين للرجل ان كان يملك اجابة ،ونذكر للرجل ان الايمان بالمسيحية ،كان اشبه برد فعل قومى من المصريين ضد الحكم الرومانى ومن ثم اقبل الكثير من المصريين على الدخول فى المسيحية حسب رؤية الكنيسة المصرية ،وقد اصبحوا هم الاكثرية العددية ،والدليل على ذلك تحول الكثير من المعابد الوثنية فى تلك الفترة الى كنائس ،بالاضافة الى جهود الحركة الرهبنية وخصوصا فى الصعيد فى نشر المسيحية وامتداد ذلك الى بلاد النوبة ،وبالتالى فكل هذه المعطيات تفيد الارتفاع الكبير فى نسبة المسيحية وانحسار الوثنية داخل الاراضى المصرية.
3 – ذكر الشريف ان قبل الفتح الاسلامى لمصر كانت لا توجد حتى كنيسة واحدة ،وكل الكنائس قد بنيت بعد الفتح العربي لمصر .
علينا ان نؤكد ان بالرغم من التضيق الفقهى النظري على بناء الكنائس ،الا ان الواقع المجتمعى كانت له حسابات اخري ،ولذلك فان تاريخ مصر عقب الفتح الاسلامى ،لم يخلو فى اى وقت من عمليات بناء وتجديد الكنائس ،ومن ثم فان الاغلبية الساحقة من الكنائس الموجودة الان قد رممت او حتى تم اعادة بنائها عقب الفتح الاسلامى لمصر ،ولكن المؤكد ان الكثير من هذه الكنائس قد بنيت على انقاض كنائس ترجع الى قبل الفتح الاسلامى بقرون ،مثل منطقة دير ابو فانا فى المنيا والذى احتوى على كنائس اثرية ترجع للقرن الرابع الميلادى ،وكنيسة ابو سرجة فى مصر القديمة والتى يري بتلر فى كتابه "الكنائس القبطية القديمة فى مصر " ان اجزاء منها ترجع للقرن السادس الميلادى ،وكذلك كنيسة ابو سفين فى مصر القديمة التى ترجع للقرن السادس الميلادى ،ومن ثم فان كلام الراجل عبارة عن لغو فارغ.
4 – ذكر الشريف فى حلقته ان الخط الهمايونى الذى اصدره السلطان العثمانى عام 1856م وجعل بناء الكنائس من سلطة السلطان فقط ،تم برجاء البابا كيرلس الرابع الذى ذهب للسلطان لكى يصدر هذا القرار هربا من توسع المبشرين الكاثوليك والبروتستانت فى بناء الكنائس .
والحق ان هذا الكلام هو قمة الكذب والتدليس ،وذلك لان البابا كيرلس الرابع "1854 – 1861م" لم يغادر مصر اثناء بابويته الا مرة واحدة للحبشة ،وذلك عام 1856م للتوسط لدى الامبراطور الحبشى ثيودور بهدف انهاء النزاع الحدودى بين الحبشة والسودان المصري ،وبالتالى لم يذهب الى تركيا ولم يقابل السلطان العثمانى باى حال من الاحوال.
كما ان الخط الهمايونى قد صدر فى ظل اشتعال حرب القرم بين الدولة العثمانية وروسيا ،بحجة حماية الرعايا المسيحيين فى الدولة العثمانية،ورغب السلطان عبد المجيد بهذا الخط ،ان يقطع الطريق على الروس وحججهم ،وفى نفس الوقت لكسب القوى الاوروبية الاخري وخصوصا انجلترا وفرنسا الى صفه "احمد عبد الرحيم مصطفى :فى اصول التاريخ العثمانى ص 207 – 216" ،وبالتالى لم يكن الامر متعلق بالاقباط او الكنيسة المصرية لا من قريب او بعيد ،وإن طبق عليهما لكونهما من رعايا السلطان .
5 –ذكر الشريف ايضا نقلا عن كتاب محمود شاكر اباطيل واسمار والذى نقل بدوره عن مذكرات احمد عرابي ،كيف انقلب بشارة تقلا مؤسس الاهرام على احمد عرابي ،وكيف وصفه بالعاصي عقب القبض عليه ،بالرغم من انه كان من مؤيدى عرابي قبل ذلك ،وكيف بصق فى وجه عرابي فى السجن ،وقد وصف الشريف بشارة تقلا بانه من المقربين من الكنيسة القبطية !!.
لم يذكر احمد عرابي الواقعة المذكورة فى مذكراته التى نشرها الدكتور عبد المنعم الجميعى فى 3 مجلدات عن دار الكتب والوثائق المصرية عام 2005م
كما ان الشريف قد نقل عن المرحوم محمود شاكر ،من كتاب خصصه شاكر لنقد اراء وافكار الدكتور لويس عوض الادبية واللغوية ،فحوله إلى صفحات من الاتهامات الطائفية والشتائم ،ومن ثم فإن عوامل الشك فى الرواية كثيرة جدا
بالاضافة الى ان محتوى الكلام لا يتفق مع وقائع التاريخ ،فالعلاقة بين جريدة الاهرام والعرابيين لم تكن ودودة ،كما يحاول تصويرها الشريف ومن نقل عنه ،خصوصا عقب تضيق العرابيين على الجرائد الشامية والتدخل فى سياسة التحرير الخاصة بالاهرام ،مما ادى الى ايقافها عن الاصدار حتى انهيار نفوذ عربي ،بالاضافة الى حريق مقر الجريدة بالاسكندرية اثناء احداث 11 يونيو 1882 وتحميله لعرابي مسئولية هذه الاحداث "للمزيد انظر يونان لبيب رزق :الاهرام ديوان الحياة المعاصرة ،ج1 ص 207 -214".
اما بخصوص استهجان الشريف من ثناء الاهرام على القبض على عرابى بواسطة الاحتلال الانجليزى ووصف عرابي بالعاصى ،فيجب ان نذكر الشريف ان سيدهم ومولاهم امير المؤمنين التركى عبد الحميد هو من اعلن عصيان عرابى ومن معه ،وثقته التامة فى الخديوى توفيق مما اضعف عضد المصريين "مذكرات عرابي ج2 ،ص 684 -685" ،وكان سببا من اسباب الهزيمة العرابية ،فلماذا يا سيد عبد الله تستهجن استخدام الاهرام لمصطلح اقره مولاك الخليفة ؟!!
واخيرا لو افترضنا صحة الرواية ،فما دخل الكنيسة القبطية بالموضوع ؟! وكيف يكون تقلا مقربا منها ؟ ..وهو لبنانى مارونى كاثوليكى المذهب ،وقبل لحظات كنت تتكلم عن الخصوم بين الارثوذكس من جانب والكاثوليك والبروتستانت من جانب اخر !!!!!! ..ألهذه الدرجة تحتقر مشاهديك وتلفق لهم الاشياء مستغلا ضعفهم العلمى والمعرفى ؟؟؟!!!
ام انك تهدف لبث السم فى نفوسهم وتلقى فى عقولهم فكرة ان مافعله تقلا كان بتحريض واوامر الكنيسة المصرية لولائها للانجليزا ؟؟؟!
6 –وصف عبد الله الشريف البابا شنودة الثالث بانه زعيم جماعة الامة القبطية
والحقيقة ان زعيم تلك الجماعة المراهقة التى افرزها مناخ المجتمع المصري المتناقض والملتهب عام 1952 ،وحتى حلها عام 1954 عقب اختطاف البطريرك البابا يوساب الثانى ،هو الاستاذ ابراهيم فهمى هلال المحامى ،وقد نفى الرجل فى حوار سابق له اى صلة بين البابا شنودة "الاستاذ نظير جيد انذاك "وهذه الجماعة ،بل ان الاستاذ كمال زاخر فى كتابه العلمانيون والكنيسة ص 172 ،يري ان من اسباب فشل هذه الجماعة عداء تيار مدارس الاحد لها والذى كان من رموزه انذاك الاستاذ نظير جيد "البابا شنودة فيما بعد".
هذه كانت ابرز اكاذيب المدعو عبد الله الشريف فى حلقته ،التى خصصها لتزيف تاريخ الكنيسة القبطية ،وذلك فى ضوء عمله الدائم على تشويه كافة مؤسسات الدولة المصرية والطعن فيها ،ولكن نسي الرجل ،ان القراءة التزيفية للتاريخ ،تكون اهون من بيت العنكبوت امام حقائق التاريخ الناصعة.