هل أمر الله بـ«الستر» حقاً في واقعة طفلة المعادي الأخيرة
ADVERTISEMENT
تحيا مصر يرصد "موروثات مجتمعية" لاتؤدي إلا لزيادة كوارث التحرش والاغتصاب
يتشبث المجتمع المصري بمجموعة من الموروثات التي تعزز من السلوكيات الكارثية فيما بينهم، دون أي سند أو مرجعية دينية أو عقائدية، وهو مايتضح مع كل جريمة تهز الرأي العام، وآخرها فيديو التحرش وهتك عرض طفلة في أحد العمارات بمنطقة المعادي.
يشير العديد من الخبراء إلى أن التحدث بحرية حول مشكلة أو أزمة ما، وإعمال المكاشفة حولها، يكون أول سبل العلاج وأسرع الطرق للوصول إلى حل ناجز، وهو الأمر الذي نعطله تماما بترديد أقاويل من نوعية "لاتفضح من ستره الله"، "بلاش ننشر المناظر دي"، جزاءه عند ربنا، وهي الصيغ المختلفة التي أدت إلى تفاقم الأزمات والمشكلات المستعصية، الأخلاقية منها على وجه الخصوص.
قاعدة الستر
ببساطة شديدة إذا أراد الله أن يستر أحدا لما فضحه، وبإعمال المنطلقات الدينية، فإن مرتكب الذنب والجرم بهذا الشكل، يكون جزاءه من جنس عمله في الدنيا قبل الآخرة، ويكون له جزاءان وعقابان، أولهما دنيوي وثانيهما سماوي عند الحساب والعقاب الإلهي فيما بعد، لذا فإنه من تطبيق صحيح الدين ألا نتستر على مرتكبي تلك الكوارث من التحرش والاعتداء وهتك العرض وغيرها.
ويأتي فضح المتحرشين ونشر صورهم والتشهير بهم، ضمن أحد الوسائل التي تشكل رادع مستقبلي، قد يزرع الخوف في قلب من تسول له نفسه الإقدام على أفعال مماثلة، بمجرد تفكيره فيما سيحدث له مستقبلا من ذيوع وشيوع الفضيحة، أما حال كان آمنا مطمئنا من أن سره لن يفتشح وسيجد من يدفع له "فضيلة الستر" بشكل مجاني، فإنه سيتمادى في أفعاله دون رادع أو حسيب.
دعم الضحية
أحد أهم القواعد التي لايعرف عنها مجتمعنا شيئاً، تتعلق بدعم الضحية، وتسليط الضوء على من تم انتهاك جسده، فالأضواء كلها والأحاديث في أغلبها الأهم، يتمحور حول "بطل الواقعة"، وتنقسم الآراء وتتباين الرؤى حول مافعله المجرم أو الجاني، وتتوه تماما بين السطور، ماوقع على الضحية من إيذاء، نحتاج إلى إعمال دور الطب النفسي والاستشاريين النفسيين أكثر من المحللين والمحققين على رغم أهمية دورهم.
يجب أن نرى الطفلة في المشهد الذي أنتشر مؤخرا، وهي في وضعية تلقي الدعم، والرعاية الصحية والنفسية، وأن تكون مثالا لكل من يتعرض لموقف مشابه، ألا نهجره ونركز أحاديثنا على الجاني، أن نتأكد من أنه تلقى الرعاية المناسبة لترميم ذاته ومحو آثار العدوان الذي قد يتركه لبقية عمره شخصا مختلاً فاقدا للتوازن ويشعر بالريبة ممن حوله.
التفنن في الردع
في أحيان كثيرة تكون العقوبات التقليدية كافية ومحققه للعدالة، إلا أن دولا لجأت مؤخرا إلى أساليب مبتكرة من العقوبة، التي تتناسب مع حجم الجريمة التي أرتكبها صاحبها، وفي حالة فيديو طفلة المعادي، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تغلي، وتطالب بأشد أشكال العقاب للمتحرش.
يجب أن يكون هناك تصرف يجعل من المتحرش والمغتصب عبرة حقيقية تقض مضاجع أمثاله وأشباهه من المتحرشين، أن يفقد رجولته بشكل كامل، أو أن يتم عقابه في ميدان عام ويتم تعليق صوره في كل شبر من البلاد مدون عليها إسمه وصورته وعلى جبهته إسم "متحرش مغتصب للأطفال".