عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ألفة السلامي تكتب: سيدة التحديات الصعبة!

ألفة السلامي- ارشيفية
ألفة السلامي- ارشيفية

أصبحت النيجيرية الدكتورة نغوزي أوكونجو- إيويلا أول سيدة أفريقية تتولى منصب مدير عام منظمة التجارة العالمية خلفا للبرازيلي روبرتو أزيفيدو الذي تنحى عن المنصب لأسباب صحية قبل عام من انتهاء ولايته.
وصادق مندوبو الدول الـ 164 الأعضاء بالمنظمة على تعيينها بالإجماع بعد تعسر في ولادة هذا القرار استمر لنحو أربعة أشهر نتيجة معارضة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ودعمها في المقابل الكورية الجنوبية "يوميونغ هي" للتعيين في هذا المنصب. 
لكن تغير الموقف الأمريكي بعد انتخاب بايدن من جهة وانسحاب الكورية الجنوبية في الخامس في فبراير الجاري من جهة أخرى فتح الطريق أمام النيجيرية للفوز بالمنصب.
وجاء التعيين للسيدة الإفريقية بمثابة طاقة أمل لكثير من الدول النامية والفقيرة التي تطالب بإتاحة اللقاحات المضادة لفيروس كورونا على نحو سريع ومنصف، بصرف النظر عن مستويات دخلها، وبعيدا عن الملف الشائك الخاص ببراءات الاختراع، حيث ضمنت هذه الدول موقف "نغوزي" إلى صفها في مواجهة العديد من الدول الغنية التي تضم الكثير من مختبرات إنتاج الأدوية وتعرقل عملية التوسع في إتاحة اللقاحات.
والحقيقة أن "نغوزي" تتولى المنصب في وقت تعاني فيه التجارة العالمية صعوبات شديدة من جراء جائحة كورونا، وكذلك من التوترات بين الاقتصادات الكبرى ناهيك عن الحرب التجارية بين القوتين العالميتين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، خاصة في ضوء توقف المفاوضات متعددة الأطراف بشأن التعريفات منذ 20 عاماً، وخروج نظام تسوية المنازعات عن السيطرة، مما يجعل منظمة التجارة العالمية بأمس الحاجة إلى إجراء إصلاحات بناءة على رأسها إعادة تشكيل هيئة فض المنازعات التي تعد بمثابة محكمة منظمة التجارة العالمية بعد أن باتت في حالة موت سريري بسبب إضعافها من إدارة ترامب والحروب التجارية بين القوى الكبرى.
وهذا الإرث الثقيل يلقي بظلاله على المنصب حاليا كما يتطلب من المديرة الجديدة مهارات خاصة لتفي بالآمال العريضة المعلقة عليها وإنهاء سنوات من الجمود في هذه المنظمة الدولية. ويبدو أن "نغوزي" جاهزة للمواجهة حيث يطلق عليها "سيدة التحديات الصعبة" فقد سبق لها في العام 2003 أن تركت وظيفتها كنائبة لرئيس البنك الدولي وعادت إلى نيجيريا كوزيرة للمالية؛ وكانت بلادها غارقة في الديون وشعبها منقسمًا بمرارة، وكل شيء بحاجة إلى الإصلاح. ومع ذلك، فإن الأدوات التي كانت تحت تصرف الحكومة المنتخبة آنذاك قد تم إضعافها إلى حالة من الدمار على مدى عقود من الحكم. 
وروت آنذاك لصحيفة فاينانشال تايمز أنها بقبولها المنصب إنما تقوم بمجازفة تشبه حالة الجنون، ومع ذلك حددت أولويات العمل التي يكون لها التأثير الأكبر على اقتصاد نيجيريا وحياة الناس، وشطبت 18 مليار دولار من الديون الخارجية لبلادها، وواجهت بعزيمة المصالح الخاصة على الرغم من التهديدات بالقتل واختطاف والدتها العجوز. ولعل هذه الخبرة المتراكمة في التعاطي مع المشكلات تؤمن لها الرصيد اللازم لهذه المهمة الجديدة التي تنتظرها في جنيف. 
وتقول خريجة جامعة هارفارد إن على منظمة التجارة الاضطلاع بدور مهم في مساعدة الدول الأشد فقرا للحصول على عقاقير ولقاحات كوفيد-19.
وقد واجهت "نغوزي" عديد الانتقادات من الدول الغنية وشركات الدواء الكبرى عندما كتبت في إبريل الماضي مقالا بمجلة "فورين أفيرز" شددت فيه على ضرورة إزالة الحواجز التي فرضتها قوانين الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا لضمان الإمداد الكافي للقاحات وتوزيعها العادل على الدول.
ولا شك أن ما يعزز الأمل في الوقت الراهن لدى الدول الفقيرة في التعافي من كورونا هو إمدادها باللقاحات المضادة للفيروس الفتاك من خلال آلية كوفاكس وهو البرنامج الذي يهدف إلى التوزيع العادل للقاحات والذي كانت "نغوزي" ترأس التحالف العالمي المعني به حتى ديسمبر الماضي.
ومن المنتظر أن يُتاح في النصف الأول من العام الجاري ما لا يقل عن 1,3 مليار جرعة من لقاحات كورونا لحماية الفئات الضعيفة ممولّة من المانحين لما مجموعه 92 بلدا فقيرا مؤهلا للحصول على دعم آلية كوفاكس بهدف تغطية 20% من سكان العالم الأشد احتياجا.
ويبقى الأمل معلقا على هذه الاتفاقات إضافة إلى التعهدات السابقة بتقديم تبرعات لتمويل شراء اللقاحات وإنهاء المرحلة الحادة من الجائحة على الصعيد العالمي بحلول نهاية العام.

اقرأ أيضًا..ألفة السلامي تكتب: الشباب وصناعة الفرصة

فهل تصدق "نغوزي" في وعودها وهل تتمكن من فرض جدول أعمالها بقوة داخل منظمة التجارة العالمية لتمرير خطتها بإتاحة اللقاحات للدول الفقيرة ووضع حد لأوجه عدم المساواة الصارخة التي كشف عنها الوباء في جميع أنحاء العالم؟! 

تابع موقع تحيا مصر علي