ألفة السلامي تكتب: الشباب وصناعة الفرصة
ADVERTISEMENT
قد يمر الكثير منكم بلحظات مؤلمة ويواجهون العديد من الصعوبات، وشخصيا لدي أوقات صعبة في الحياة، وستظل هذه الأوقات الصعبة تزورنا فتلك سنة الحياة.
وقدرة الشباب على صناعة فرص حقيقية خلال الأوقات الصعبة هو ما يولد نجاحهم الباهر.
وهي صناعة مرموقة عالية القيمة كمن يحوّل قطعة حديد صماء لحُلّي جميلة الشكل.
الإجابات ليست دائما سهلة إذا تسلل اليأس لكن المهم هو إدراك حقيقة أن التقدم مستحيل بدون تغيير يسبقه تفكير إيجابي، وأولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء!
يقول الفيلسوف الهندي طاغور :"سأل الممكن المستحيل أين تقيم فأجاب في أحلام العاجز!".
أقول ذلك من وحي مسلسل اجتماعي جدير بالمشاهدة وهو "أمر شخصي" بطولة شيري عادل ومحمد عادل ضمن سلسلة "إلا أنا" عن فكرة الإعلامي المبدع يسري الفخراني. وأهمية المسلسل كونه يتعرض لمشكلة تقع فيها زوجة شابة عندما تجد نفسها تواجه الحياة ومتطلباتها بمفردها مع إبنتها الرضيعة بعد أن تخلى عنها زوجها الذي عاد فريسة للإدمان.
واستطاعت الزوجة أن تصمد أمام المصاعب الكثيرة بفضل مشروع صغير تديره من منزلها لصناعة الحلويات؛ وأنشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك للتسويق لبضاعتها بمساعدة أصدقائها. ثم اتسع مشروعها فعرضت عليها إحدى الشركات التكنولوجية مشاركتها في العائد من خلال توفير تطبيق على التليفون المحمول لتقديم الخدمات والتوصيل في شكل حديث ومتطور.
ونجحت تلك الزوجة الشابة في توفير مصاريفها ومصاريف إبنتها وسداد الإيجار، والأهم من العائد المادي، شاهدنا كيف أن طعم النجاح يشحذ الإرادة ويلوّن الحياة بألوان زاهية ويغير الأقدار ويجفف الدموع ويحولها لفرح وبهجة مع بداية جديدة.
والرسالة المهمة لكل شابة وشاب هي أن الأشخاص الذين عقدوا النية على تحقيق الفوز لا تزور كلمة مستحيل ألسنتهم.
ومن الضروري في خضم الأزمات التي قد تواجه الأشخاص أن يبحثوا داخلهم عن مواطن قوتهم ومواهبهم وأن يختاروا أفضل ما يحبون القيام به. ولا يوجد شخص خال من مهارات حتى لو بسيطة أو تحتاج التطوير والصقل. كما لا يوجد شخص عديم الموهبة.
كل الحكاية أن الموهبة تحتاج من ينزع عنها ما يغطيها من أتربة علقت بها بفضل الكثير من العمل والمثابرة. وتلعب مساندة المقربين سواء من أفراد الأسرة أو الأصدقاء من خلال التشجيع وتعزيز الثقة بالنفس وتثبيت الخطى.
وليس بالضرورة أن يكون الدعم ماليا من المقربين بل يمكن تقديمه بمجرد النصيحة الصادقة والتوجيه السليم.
والنصيحة هي شيء يمكن دائمًا الاعتماد عليه، وإذا كانت جيدة فلن تنتهي صلاحيتها عادة، ولكن من الصعب أن تكون نصيحة عملية ذات مقاس واحد يناسب الجميع.
وهنا تأتي القدرة على اختيار ما يناسب كل شخص حسب ميوله وإمكاناته.
شخصيا، النصائح التي ساعدتني أكثر في حياتي هي من أشخاص خلقوا انفتاحات في ذهني، وقدموا أطرًا جديدة للتفكير في الأمور وقادتني إلى إيجاد حلول ربما لم أكن لأفكر فيها دون مساعدة أولئك الأشخاص.
ومن الضروري جدًا سماع صوت إنسان آخر مع صوتنا عند لحظات بعينها نكون في مفترق طرق؛ وهنا علينا أن نتذكر أن سماع أصوات أخرى هو ما يملؤنا بالدفء الشديد ويعزز ثقتنا بأنفسنا.
ودائما ما نسمع خبراء يرددون ضرورة تبني حلول غير تقليدية لأن التطورات السريعة من حولنا تتطلب حلولا مبتكرة، والحلول المبتكرة لا تصدر إلا عن عقول مبدعة.
وهنا أفتح قوسين للتأكيد على أن الابتكار والإبداع يتطلبان الجرأة. كيف يمكن للشخص أن يكون مبدعًا إذا كان خائفًا؟ كيف يستدعي الناقد الداخلي لديه إذا كان مرتعشا؟ وكيف يمكنه خلق المزيد من الإنجاز مع المتعة والروعة في حياته إذا كان يخاف من التجربة ومن التجديد؟ وكيف تنجح التجربة دون عثرات؟!
الأمل هو أن نكتسب بأنفسنا وبمن حولنا أدوات لتجديد أفكارنا ولا نخاف من الخطأ أو العثرة فمن لا يعمل شيئا لا يخطيء! وتشير أبحاث الأسواق العالمية أن المهن المطلوبة والتي تلقى رواجا حاليا هي الكهربائي والنجار والسباك والميكانيكي والنقاش ومنسق الحدائق وفني التكييف وصيانة الأجهزة الكهربائية ومشغل المعدات الثقيلة وسائق الشاحنات الثقيلة والسيارات وموصل الطلبات والحلاق والطاهي والتارزي ورفا الملابس والتنظيف الجاف للمنسوجات والمفروشات والمسوق أو التاجر الإلكتروني وصانع التحف والأنتيكات ومقدم الخدمات في المنازل والأطقم الطبية خاصة التمريض والرعاية الصحية المنزلية والعلاج الطبيعي.
هذه المهن وغيرها يمكن أن تنشأ شركات متناهية الصغر لتقديمها بشكل مواكب للتطور بحيث يكون الوصول إلى هذه الخدمات بسهولة من خلال التطبيقات التي يتم تحميلها على أجهزة الموبايل أو الحاسوب ويكون رأي العميل مهما بعد تقديم الخدمة للحفاظ على جودتها وتطويرها.
المطلوب فقط للبداية هو أن تستخدم ما تعرفه وتتقنه في مشروع صغير لكسب بعض المال وإذا قمت بالمهمة كما ينبغي فيمكنك كسب الكثير من المال. وإذا أحب الناس ما تفعله فيمكنك كسب المزيد والمزيد من الأموال.
العالم كله حاليا لا حديث له إلا عن إنشاء المشروعات الصغيرة التي تخدم المجتمعات المحلية الصغيرة وهي إحدى طرق الازدهار لمواجهة تحديات اقتصاد اليوم وما يعتريه من بطالة خاصة في المهن التقليدية والتي كان هناك إقبال عليها في السابق.
الاقتصاديون الواقعيون يؤكدون أنه لا فائدة من بقاء شباب الخريجين مكتوفي الأيدي في انتظار التعيين في شركة عامة أو مصلحة حكومية أو تدخل من "واسطة" لإيجاد فرصة عمل، خاصة في ضوء جائحة كورونا وما تسببت فيه من ركود من المتوقع استمراره لفترة طويلة قادمة. والحل ينبع غالبا من داخل الشباب بتجربة أفكار جديدة يحتاجها مجتمعهم المحلي ومع المحاولة وقتا كافيا سيبدأ العمل في إعطاء عائد مناسب.
اقرأ أيضًا..ألفة السلامي تكتب عن مينا مسعود: رحلة كفاح "شبراوي أبو دم خفيف"
وأصحاب الحلم سينجحون لا محالة والنجاح يحتاج لجهد وإرادة وتصميم لأن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة؛ وإذا كنت لا تستطيع أن تحلم فلن يكون لديك أي فرصة على الإطلاق ومن يمتلك الأمل يمتلك كل شيء واليائس يبحث عن الصعوبة في كل فرصة أما الآمل الحالم المتفائل فيرى الفرصة في كل صعوبة!