عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

النائب عمرو حجاج يكتب لـ تحيا مصر: إلى عبدالله رشدى .. هل أتاك حديث التاريخ ؟

النائب عمرو حجاج
النائب عمرو حجاج

يجد المرء العاقل المهموم بقضايا وطنه نفسه فى ذروة غضبه وتعجبه وحيرته ، عندما يجد رجل دين من المفترض أن يكون حارساً للدين وقيمه السامية ، يخون ربه ودينه ، ويغزل بأفكار شاذة لا تمت لصحيح الدين فى شئ ، ولانعرف من أين جاء بها حبل الكراهية والحقد ، ليشنق به وطنه ، اويشعل فى مجتمعه نيران الطائفية البغيضة.

النائب عمرو عزت حجاج يكتب: إقرأوا التاريخ .. لعلكم تفقهون

لعل خير نموذج لهذا النمط ، هو ما يقوم به خطيب الأوقاف عبدالله رشدى من إشعال للفتنة والحرائق - فى وطن يكفى ما به من حرائق - ، وحث على الحقد والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد أقباطا ومسلمين ، فالرجل ترك من الدين أعظمه وأروعه ، وتمسك بإدعاءات لا تنتمى لصحيح جوهره ، فقد تشبث بإجتهادات وتفسيرات بشر عاشوا فى ذروة الصراع بين الشرق والغرب خلال العصور الوسطى ، فتلقفها وأمثاله ليتاجروا بها تجارتهم المذمومة فى عصرنا الآليم الذى ساد فيه الجهل وعلت فيه السطحية .


إذا كانت ثورة ١٩١٩ هى التى صنعت مصر كدولة مستقلة ، فإن القسط الوافر الذى أسهم به الإخوة الأقباط فى معركة الأستقلال يعطيهم – وعلى مدى التاريخ – حقوق فوق تلك الحقوق الطبيعية التى يكفلها لهم الدستور والقانون 

 .

 وتاريخ هذه الثورة المجيدة يمدنا بالكثير والكثير من الحكايات والروايات التاريخية عن الإسهام المتميز لأقباط مصر فى معركة الإستقلال ، ولكونها كثيرة بغير حصر ، سنكتفى ببعض منها لعلها تكون كافية لإسكات هذا الرجل هو ومن يستترون خلفه ، ويفسحون له المجال المجال الواسع .

عزيزي القارئ..

مارأيك أن نعود سويا إلى الماضى الحديث فى رحلة قصيرة لفترة ثورة ١٩١٩ نستمع فيها سويا لثلاث حكايات من تاريخ الوطن لعلها تخجل عبدالله رشدى وأمثاله  أو تخجل مسانديه ، فتدفعهم إلى إيقاف هذا النعيق المدمر لوحدة الوطن ، والملهب لنيران الحقد فى صدور أبناء الوطن الواحد ؟.

فلنبدأ الرحلة

عندما كان سعد زغلول مستقلا مركبا نيليا فى غمار رحلته الشهيرة إلى الصعيد ، تلك الرحلة التى أفزعت الاحتلال الإنجليزي ودفعته إلى إرتكاب حماقات كثيرة بهدف منع سعد زغلول من النزول لمقابلة المستقبلين الذى كانوا ينتظرونه فى شوق ، وقبل أن ترسوا الباخرة بالأقصر ، جاء حكمدار بوليس المدينة وصعد إليها ، وتكلم بغلظة طالبا الا تدنوا الباخرة من الشاطئ ، تنفيذا للأوامر الصادرة من الداخلية ، فهاج عليه ركاب الباخرة بسبب جفاف حديثه وأهانوه . فلما اقتربت المركب من المرفأ ،والذى كان بالقرب من منزل توفيق اندراوس ،وقد كان أخوه يسى أندرواس بك قنصلا فخريا لإيطاليا وبلجيكا ، فلما شاهد الباخرة أخذ ينادى بأعلى صوته ويلوح بعلم إيطاليا ، وكان فى يده الاخرى علم مصر ، طالبا أن ترسو الباخرة أمام المنزل دون أن يجرؤ أحد من موظفى الإدارة الإنجليز على التعرض لها حتى لاتنشأ عن ذلك أزمة دبلوماسية بين إنجلترا والدولة صاحبة العلم ، فانحازت الباخرة إلى المنزل ورست تحته ، على الرغم من أنف الإدارة ورجالها الحانقين الذين أستبد بهم الغيظ لهذه الحركة غير المتوقعة ،وقد شرع أعيان الاقصر يفدون تباعا على الباخرة لتحية سعد باشا وحضر قسيسان من الشبان وأخذا يترنمان بصوت رخيم ترحيبا بالضيف الكبير فسر سعد زغلول سرورا عظيما ، وإمتلأت المساحة الواقعة بين الباخرة والمنزل بألوف الأهالى.


أما الحكاية الثانية فهى عندما اعتقل سعد زغلول وعدد من قيادات الوفد للمرة الثانية إجتمع المتبقون من قيادة الوفد وكانوا خمسة ، فجلسوا معا ليكتشفوا أن من بينهم أربعة أقباط وخامسهم مصطفى النحاس باشا : واصف بطرس غالى – سينوت حنا – ويصا واصف – مكرم عبيد .. ولم يجد أحد فى ذلك غضاضة ... وقد أستجمعوا شجاعتهم وكل مصريتهم وأصدروا نداءا ساخنا للأمة دعوا فيه الأقباط قبل المسلمين إلى ضرورة التلاحم والنضال للتخلص من نير الاستبداد ونيل الإستقلال.


أما ثالث حكاياتنا ... فهى حكاية المناضل الفدائي عريان سعد ،أحد أبرز أفراد التنظيم السري الذى قاده عبد الرحمن فهمى أثناء ثورة 1919 ، فعندما اختار الانجليز يوسف باشا وهبة القبطى رئيسا للوزراء لضرب وحدة المصريين ، تطوع عريان سعد لإغتياله ، وذلك لتجاسره على قبول الوزارة ، وما فيه ذلك من ضرب لوحدة المصريين ، ولتجنب أشقاء الوطن من المسلمين حرج إغتياله ،وبالفعل كمن عريان لموكب يوسف باشا وألقى علي موكبه قنبلة ، ولكن فشلت محاولة الاغتيال  ، وبالرغم من أن الفرصة كانت سانحة أمام عريان للهرب ، ولكنه رفض ، وذلك حتى لا يروج الانجليز الى أن الاغتيال كان من صنيعة المسلمين لكون يوسف وهبة قبطياً .

وهكذا عزيزي القارئ ..


قمنا بالرد على الرجل بحقائق التاريخ ، فدون قراءة التاريخ ، تصعب قراءة الحاضر وتتضاءل فرص وضوح صورة المستقبل .. هذا هو الدرس الأول فى التاريخ الحديث ، وتلك الحقائق هى التى تؤكد أن الأقباط لم يكونوا فقط شركاء فى الوطن ، وإنما كانوا – وهذا هو الأساس – شركاء فى الوطنية .

-         وكأن درس التاريخ يلقنا أن مصر المتحدة الموحدة هى القادرة على مواجهة خصومها ، وهى القادرة على تحقيق أهدافها .

-          وكأن درس التاريخ يرينا كيف كان اشقائنا الأقباط فى طليعة صفوف المناضلين دفاعا عن مصر وعن إستقلالها ، وكيف أن معتقلات العدو لم تفرق بين صدر مسلم وصدر قبطى  .

      وأخيرا وأنا أعلم يقينا أنها ليست النهاية ..


 ليت عبد الله رشدى وممن يسيرون معه فى دروب الفتنة يفهمون أن إختلاف الدين لا يجب أن يفسد قيمة الوطن - وإن كنت أشك أن يفهموا - .

 ليت من يسمعون إليه وأمثاله يتعلمون تاريخ وطنهم ، حتى يعرفوا كيف سجل اسلافهم هذا التاريخ بمداد المحبة والتلاحم ، وأن هذا هوالأمل الوحيد فى النجأة من طاعون الفتنة الفتاك.

                                                      ولكننا نحاول  ..

  

عمرو عزت حجاج

عضو مجلس الشيوخ

عضو حزب التجمع

عضو تنسيقية شباب الاحزاب والسياسيين

 

    

 

تابع موقع تحيا مصر علي