عاجل
الثلاثاء 05 نوفمبر 2024 الموافق 03 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

النائب محمد فؤاد يكتب: قانون التصالح ظالمًا ومظلومًا 2

النائب محمد فؤاد
النائب محمد فؤاد

تحدثت في مقالي السابق عن قانون التصالح في مخالفات البناء، وأكدت أن وجوده حتمي وأن فلسفته الأساسية تأتي في صالح المواطن وتجد له مخرج من المخالفة التي ارتكبها والتي كان الحل معها قبل هذا القانون هو الإزالة فقط، أما الآن فالقانون يبيح له آلية لمعالجة المخالفة ويحميه من الحبس أو الإزالة، بل ويلزم الدولة بتوصيل كامل المرفقات إلى عقاره، فوجوده حتمي إلا أن التطبيق هو من يحتاج إلى مراجعة وإعادة تقييم وإصلاح.

خاصة وأن المخالفة لا تسقط بالتقادم، وقانون التصالح يحمل رخصة للمواطن بإسقاط هذه المخالفة وتأكيد سلامة موقفه على عكس ما كان مباحا له سابقا، ولكن للأسف لم يأخذ هذا القانون حقه من التسويق المطلوب، وأصبح سيء السمعة في الشارع بفضل آليات تنفيذه من قبل الحكومة والتي أصابها الكثير من الأخطاء والغشومية إن جاز الوصف.

ورغم تأكد الغضب المزايد في الشارع بسبب تنفيذ القانون وعمليات الإزالة وظهور دلائل كثيرة عليها، نجد حالة من المكابرة من قبل أجهزة الدولة في محاولة إصلاح الوضع أو القبول بضرورة مراجعة الموقف ومحاولة تلافي العيوب الكثيرة التي تضمنتها آليات التنفيذ، في حين أن العمل على تلافي الأخطاء سوف يكون في صالح صورة الدولة وليس ضدها، لا سيما وأن هناك من يستخدم هذا الظرف لسكب نيران الفتنة وبث روح الفرقة والقلق.

لكن لن ندفن رأسنا في التراب، فالقانون يواجه العديد من الأزمات التي كشفها الواقع العملي لتطبيقه على الأرض، بشكل يتطلب وقفة لإعادة مراجعة الأمر ووضع اليد على نقاط الضعف في القانون والتوافق على حلول قابلة للتنفيذ.

وفي محافظة الجيزة تحديدا فأزمات القانون يمكن تلخصيها في ارتفاع قيمة جدية التصالح عن 25% لعدم التزام الوحدات المحلية بمعايير تقييم المصالحات الصادرة وفقا لقرارات المحافظات بقيمة التصالح في كل منطقة حتى أن قيمة جدية التصالح تختلف داخل العقار الواحد.

وكذلك ارتفاع قيم التصالح خاصة في بعض المناطق ذات العقارات البسيطة والعشوائية لذا من الضروري إعادة النظر في قيم التصالح أسوة بالمحافظات الأخرى التي عدلت قيم التصالح بالتخفيض ترغيبا وتحفيا للمواطنين في التصالح.

الغريب في الأمر، أن إصلاح الوضع ليس بالأمر المستعصي على الحكومة ولا يقلل من هيبتها وسيطرتها كما تدعي، خاصة وأن الإصلاح سوف يعفيها العديد من الأزمات التي نحن في غنى عنها.

وفي رأيي أن الحلول لا بد أن تتضمن تعديل القانون بمد فترة تطبيقه عاما إضافيا وإلغاء قصر التصالح على ما قبل 2017 وإدخال جميع المباني المخالفة، وكذلك تخفيض الجدية إلى 10% وتقسيط باقي قيمة التصالح على 5 سنوات دون فوائد.

كما أن القانون لم يكن صارما في العديد من المسائل ومنها مسئولية مالك العقار، وهو ما يحتاج إلى معالجة سواء بتعديل القانون أو لائحته التنفيذية، وأيضا تحديد عقوبة أصحاب العقارات ممن تجاهلوا التصالح.

خيرا فعل السيد رئيس مجلس الوزراء، بقراراته الأخيرة بشأن التصالح، وإن كان الأمر يتطلب أكثر من ذلك، إلا أن ما قام به يعكس تقديره لحجم المعاناة التي سببها القانون وتطبيقه على الشارع، وتزايد الغضب، ودوره في حالة فرض حالة من عدم السلام المجتمعي.

وهنا أشهد للمهندس أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أنه كان واع لحجم الأزمة التي يسببها تطبيق القانون من قبل الجهات التنفيذية، وبذل مجهود كبير وتصدره الملف بمعارضة سياسات التطبيق من قبل الحكومة بهدف تصويبها، وكان لي شرف حضور جلسة استطلاع ومواجهة تاريخية شهدت استعراض متكامل لمقترحات من شأنها تصويب الأمور.

وذلك في الوقت الذي توارى فيه الكثير من المسئولين على رأسهم وزير التنمية المحلية عن المشهد رغم أنه صلب عمله، بل على العكس تماما فكان الوزير بمثابة شريك حقيقي في صنع الأزمة.

وأثبت الوقت صواب توجهات "السجيني"، وانتبهت الحكومة إلى أهمية تعديل تعاملها مع الملف، بدلالة ما جاء بالمؤتمر الصحفي الأخير لرئيس مجلس الوزراء.

وللأمانة لا استغرب سدادة موقف السجيني، فطالما عهدت منه ذلك وأنه دائما على دراية كاملة بمعاناة الشارع، ولا تحركه أية مؤثرات في تقييم أداء الحكومة إلا ما يراه بعينه ويعقتد فيه الأفضل، كما أن تعامله مع ملف الإدارة المحلية على مدار 5 سنوات يجعله الأقدر على معالجة الوضع واقتراح الحلول التي ترضي جميع الأطراف.

نحتاج إلى النظر إلى المشكلة بموضوعية شديدة والالتزام بفلسفة القانون المنحازة إلى مصلحة المواطن، والعمل على التلافي السريع لأي أزمات تلاحق القانون وتبعدنا عن الهدف الأساسي منه، ومحاولة تقديم محفزات للمواطن تجعل التصالح هدفا له لا أمرا مجبرا عليه.

اقرأ أيضًا..النائب محمد فؤاد يكتب: قانون التصالح ظالما ومظلوما

التعامل بسياسة مع الأزمات ليس خيارا للحكومة، كما أن التراجع الجزئي لا يمس هيبة الدولة بل على العكس يعضضها خاصة وأنها مستمدة من رضا المواطن.
تابع موقع تحيا مصر علي