قطر وإسرائيل.. 22 عاماً من الودّ والتطبيع
ADVERTISEMENT
تتبنى قطر تقارباً متزايداً مع إسرائيل، وبصفتها الدولة الخليجية الوحيدة التي تحتضن ممثلية تجارية إسرائيلية منذ 1996. تصبح العلاقات متينة، متعدية البعد السياسي إلى مرحلة التطبيع الاقتصادي والتجاري وحتى الرياضي.
وتطلعت قطر وفق التحليلات من خلال تقوية علاقتها بإسرائيل إلى صقل علاقتها بأمريكا وضمانها كحليف استراتيجي. إضافة لبيع الغاز لتل أبيب وكسبها كحليف تجاري.
تقارب علني
ومع وصول خليفة بن حمد آل ثاني لسدة الحكم بعد انقلابه على والده عام 1995، اتخذت العلاقات مع إسرائيل شكلاً عليناً ويؤكد ذلك ما قاله الأمير القطري السابق في لقاء مع قناة "ام بي سي"، إن "هناك خطة لمشروع غاز بين قطر وإسرائيل والأردن ويجري تنفيذها"، مطالباً في ذلك الوقت بإلغاء الحصار الاقتصادي المفروض من جانب العرب على إسرائيل.
وتوجت تلك الطموحات بالنجاح خاصة بعد توقيع الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمعون بيريز عدداً من الاتفاقات التجارية مع الدوحة في 1996، إضافة لإنشاء بورصة قطر للغاز في تل أبيب.
وفي 1997 استضافت قطر وزير التجارة الإسرائيلي خلال القمة الاقتصادية الرابعة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي أقيمت في الدوحة، الأمر الذي تسبب في غضب عربي، ووصفت المملكة العربية السعودية تلك الخطوة بتهديد للمصالح العليا للأمة العربية.
بتلك الخطوة خرجت العلاقات القطرية الإسرائيلية إلى العلن، وتبين لاحقاً أن الهدف من بيع الغاز لتل أبيب ليس ربحياً كما يظن البعض، خاصة وأن الأسعار المتفق عليها بين البلدين تعتبر رخيصة مقارنة بالأسعار العالمية، إضافة إلى أن مدة تزويد الدوحة لإسرائيل بالغاز غير محدودة.
لم تقف قطر عند ذلك الحد، إذ أصبحت العلاقات أقوى ومتبادلة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية وحتى الرياضية. ويؤكد ذلك التقارب ما قاله الدبلوماسي الإسرائيلي سامي ريفيل، في كتابه "قطر وإسرائيل- ملف العلاقات السرية" الذي ترجمه من العبرية إلى العربية الباحث في الشؤون الإسرائيلية محمد البحيري.
الدبلوماسي الإسرائيلي الذي عمل رئيساً للمثلية التجارية الإسرائيلية في الدوحة من 1996- 1999 يقول، إن "التطبيع القطري مع إسرائيل كان يستهدف الترويج عالمياً لحقل الغاز الشمالي الموجود في قطر والذي يعد أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، ويقدر حجم الغاز الموجود فيه بما يزيد على 25 تريليون متر مكعب".
ويؤكد ريفيل أن العلاقات ما كانت لتصل إلى ما هي عليه الآن بدون دعم القصر الأميري ووزارة الخارجية القطرية وشركات قطرية رئيسية.
ضرب شركات عربية
ويشير ريفيل في كتابه أيضاً إلى اتفاق قطري إسرائيلي لإقامة مزرعة حديثة تضم مصنعاً لإنتاج الألبان والأجبان اعتماداً على أبحاث علمية تم تطويرها في مزارع إسرائيلية بوادي عربة، الذي يسوده ظروف مناخية مشابهة لتلك الموجودة في قطر. ويقول الدبلوماسي الإسرائيلي إن الاهتمام القطري بهذا المشروع كان كبيراً، من أجل ضرب الشركات السعودية والإماراتية.
ولذلك، بعد الحصول على الضوء الأخضر المطلوب، قام خبراء إسرائيليون بزيارة قطر والتقوا برجال أعمال هناك تبادلوا معهم المقترحات، التي ضمت جداول زمنية لتنفيذ المشروع. ولكن بعد مرور عدة أشهر توقف المشروع بسبب التدهور السياسي في المنطقة.
مرحلة التطبيع السري
التاريخ القطري في التطبيع مع إسرائيل طويل، وعلى الرغم من التصدي العربي المستمر إلا أن الدوحة لم تكف عن تطوير العلاقات يوماً ما. وقبل اندلاع انتفاضة الأقصى في 2000 زاد الضغط العربي على الدوحة لتجميد علاقتها بإسرائيل خاصة مع انتهاك تل أبيب المتسمر لاتفاق أوسلو. إلا أن الدوحة استمرت في التطبيع بشكل سري حيث التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك أمير قطر حمد بن خليفة على هامش قمة الأمم المتحدة في سبتمبر 2000 أي في أوج الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وفي 9 نوفمبر 2000 رضخت قطر للضغوط العربية وأعلنت إغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة.
لكن الإغلاق كان شكلياً لوقف الضغط العربي المتزايد خاصة مع إراقة إسرائيل للدم الفلسطيني، ويؤكد ذلك الباحث في جامعة كوين ماري في لندن ماثيو ماشوسكي، الذي قال إن الدوحة لم تأخذ بعين الاعتبار الضغوطات العربية واستمرت في عقد لقاءات سرية مع مسؤولين إسرائيليين في أماكن مختلفة حول العالم، مضيفاً أن التعاون التجاري استمر ولم يتوقف للحظة.
استغلال الأزمات العربية
كما أن الدوحة استغلت الانتفاضة للترويج لعملية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بهدف تحقيق طموحها بأن تصبح لاعباً إقليمياً مهماً في المنطقة.
ليفني في الدوحة
وفي 2003 اجتمع وزيرا خارجية إسرائيل وقطر سلفيان شالوم وحمد بن جاسم في باريس لبحث سبل إقامة سلام في الشرق الأوسط. وفي مايو من ذلك العام خرج وزير الخارجية القطري بتصريح ناري أكد فيه أن الدوحة لا تعارض إقامة سلام مع إسرائيل إذا كان ذلك يخدم مصالحها بالدرجة الأولى.
وفي 2005 اجتمع الوزير القطري حمد بن جاسم مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني على هامش اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك.
وفي أبريل 2008 زارت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني الدوحة بدعوة من الأمير السابق خليفة بن حمد آل ثاني، وقوبلت الزيارة بانتقاد عربي واسع.
تبادل تجاري كبير
ويفيد مكتب الإحصاء الإسرائيلي بأن تل أبيب تصدر باستمرار لقطر آلات ومعدات حاسوبية، إضافة لأدوات طبية. وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن وزارة الدفاع القطرية تستورد من نظيرتها الإسرائيلية قطع غيار عسكرية لسلاح المشاة، بالإضافة إلى أجهزة الرؤية الليلية مثل الكاميرات وغيرها، مشيرة إلى أن 75% من تصدير إسرائيل للمعدات والآلات تستحوذ عليه قطر.
فيما تستورد إسرائيل من الدوحة البلاستيك فقط. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 7 مليارات دولار.
وفي نوفمبر 2013 أجرى الأمير القطري خليفة آل ثاني بتكليف من أمير دولة قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، زيارة لإسرائيل من أجل التوقيع على عدة اتفاقيات في مقدمتها التكنولوجيا الحديثة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "كلكلست" الاقتصادية الإسرائيلية.
تطبيع رياضي
وعلى الصعيد الرياضي، رحبت قطر بالبعثات الإسرائيلية دوماً على أرضها، وفي مطلع مارس الجاري حقق المنتخب الإسرائيلي لكرة اليد المركز الثالث في بطولة العالم المدرسية في العاصمة القطرية الدوحة. وبعد الفوز بأيام شكر وزير التعليم الإسرائيلي، نفتالى بنيت، قطر على استقبالها لبعثة المنتخب الإسرائيلي.
وأتى الشكر بعد تشجيع القطريين لمنتخب إسرائيل، عندما واجه نظيره البولندي، وانتصر عليه، وفق ما أكد موقع "20" الرياضي الإلكتروني الإسرائيلي.