مشيرة خطاب: الإسلاميون سبب «انتكاسة» قضية السكان (حوار)
ADVERTISEMENT
كشف تقرير أعدته وزارة الدولة للسكان أن معدل الإنجاب الحالى يبشر بارتفاع معدل النمو السكانى إلى 120 مليون نسمة بحلول عام 2030. وأوضح التقرير أن معدلات الإنجاب فى #مصر ارتفعت عن إجمالى حجم سكان سوريا ولبنان معًا، وأن الأطفال الذين يولدون فى #مصر يتوقع أن يعيشوا 71 عاما فى المتوسط، ويبلغ معدل وفيات الأطفال الرضع حوالى نصف المتوسط العالمى.
وأشار التقرير إلى أن حجم السكان تضاعف بنسبة 46%، فى الفترة بين عامى 1994 و2014، ووصل إلى 88 مليون نسمة. وأرجع التقرير النمو السكانى المتزايد لضعف الثقافة الإنجابية لدى النساء. مؤكّدًا أن الاستثمار فى تعليم الفتيات وتقديم الرعاية الصحية يضمن الوصول لأسر أصغر حجمًا. وحذر التقرير من وجود نصف مليون فتاة فى العمر من 15 إلى 19 سنة قد سبق لهن الزواج.
السفيرة مشيرة خطاب كانت آخر من تولوا حقيبة السكان قبل إلغاء وزارة الدولة للسكان وإعادة أجهزتها لوزارة الصحة. كما شغلت سابقا منصب الأمين العام للمجلس القومى للأمومة والطفولة، لتتولى هذا الملف لعشر سنوات متتالية. وكانت أبرز المكاسب التى حصلت عليها هى إقرار قانون للطفل لتجريم جميع أشكال العنف والتمييز ضد الأطفال عام 2008. وترى خطاب أنه بعد الثورة «حدثت انتكاسة وردة كبيرة فى القضايا المتعلقة بالسكان» .. وإلى الحوار:
■ متى بدأ اهتمام الدولة بقضية الزيادة السكانية.. وما الإجراءات التى اتخذتها الدولة لمواجهة الأزمة؟
- اهتمام #مصر بقضية الزيادة السكانية بدأ منذ الستينيات، ولدينا خطب الرؤساء الذين تعاقبوا على #مصر منذ ذلك الحين، كلهم كانت لديهم رؤى واضحة عن خطورة الزيادة السكانية. تم اتخاذ عدة إجراءات بدأت بإنشاء المجلس القومى للسكان الذى تحول إلى وزارة، ثم عاد مجلسا ثم تحول إلى وزارة. وأنشأت وزارة الصحة قطاعا للسكان وأنشأت عيادات تنظيم الأسرة.
■ هل تتمثل الأزمة السكانية فى كثرة الإنجاب، أم فى عدم وجود توزيع عادل للسكان على مساحة #مصر ؟
- الأزمة السكانية فى #مصر ترجع فى جزء منها إلى ما ذكرتينه، إلا أن الأهم من هذا كله هو غياب الرؤية أو ما اسميه ضبابية التعامل مع القضية السكانية.. المشكلة السكانية فى جوهرها هى مشكلة قصور فى التنمية البشرية. فأحد أسباب تراجع الحلول للأزمة، هو فشل جهود القضاء على الفقر أو التخفيف من حدته وتحقيق العدالة الاجتماعية. هى مشكلة تنموية لا تتوقف تبعاتها على مجرد زيادة أعداد السكان، ولكن فى زيادة معدلات الفقر بين السكان. دول مثل الولايات المتحدة أو كندا أو أستراليا لا تقلقها الزيادة السكانية. فى #مصر يجب أن تتبلور رؤية واضحة وقناعة بأن السكان هم أهم مورد من موارد الدولة وأهم عنصر فى قوتها. لن تنجح السياسة السكانية فى #مصر إلا إذا كانت نقطة البداية هى حق كل مواطن فى الفرصة المتكافئة، وأن العدالة الاجتماعية لا تقوم على الإعانات، بل تحترم كرامة المواطن وتخلق لديه الطموح للتقدم والمنافسة. نقطة البداية يجب أن تكون فى القضاء على التفاوتات فى التمتع بالفرص. الفرصة المتكافئة فى تعليم مجانى جيد يسلح المواطن بقدرات تجعله مواطنا طموحا وفاعلا فى بناء وتنمية المجتمع وتكسبه قدرة تنافسية فى مجتمع ديمقراطى حر يقوم على المنافسة الشريفة. وتمكين كل مواطن من الحصول على الحق فى مستوى معيشى لائق. عدم نجاح برامج تنظيم الأسرة سببه غياب الرؤية وضعف الخدمة وغياب التواصل مع الفئات المستهدفة، وبعبارة أخرى: هذه البرامج لم تساعد الفقراء على الخروج من دائرة الفقر الجهنمية. اهتممنا بإنشاء المؤسسات والهياكل ولم نهتم بالتعليم أو بالتدريب ورفع الوعى وضمان جودة الخدمات.. ونتيجة لذلك عجز برنامج تنظيم الأسرة عن جذب الفقراء لخدماته، ولم يحقق نجاحا يساعد #مصر على الخروج من عنق الزجاجة مثلما نجحت دول مثل تركيا وإيران.
■ ما الجهات المانحة التى ساعدت #مصر فى حل المشكلة السكانية ولماذا توقفت حملات تنظيم الأسرة؟
- الجهة المانحة الرئيسية كانت الوكالة الدولية للمعونة الأمريكية للتنمية. وكان برنامج التعاون بينها وبين وزارة الصحة. وأعتقد أن حملات التوعية كانت ميزانيتها موجهة لوزارة الإعلام وتوقفت عام 2011، وبدأت حملات من تيار الإسلام السياسى تحث المواطنين على كثرة الإنجاب. وشهدنا عام 2012 أكبر معدل للزيادة السكانية حيث بلغ عدد المواليد 2 مليون و200 ألف نسمة.
■ كيف تقيم المؤسسات الدولية أداء #مصر فى تعاملها مع قضية السكان؟
- لا يشغلنى ما تقوله الجهات المانحة بقدر ما تشغلنى رؤيتنا لأنفسنا. ما تنفقه الدولة على برامج تنظيم الأسرة يفوق كثيرا ما تقدمه الجهات المانحة. المهم أن تكون لدينا الصراحة والموضوعية فى تقييم جهودنا. الجهات المانحة تريد أن تنضم لقصص نجاح يمكن أن تفاخر بها فى تقاريرها إلى برلمانات دولها.
■ ما هو مقدار الدعم المالى المخصص من قبل الحكومة لقضية السكان؟
- مشكلة الميزانية كانت من أكبر المشاكل التى واجهتنى خلال إدارتى للوزارة، ويعود هذا إلى عائق مهم هو عدم تحديد صلاحيات للوزارة، فكل ما ذكر فى قرار إنشاء الوزارة هو أنه يتبعها المجلس القومى للسكان، والقومى للأمومة والطفولة، وصندوق مكافحة الإدمان. وبالتالى لم تكن هناك ميزانية محددة للوزارة، وطالبت بتحديد صلاحيات وبناء عليها تحديد الميزانية، إلا أننا عملنا فى إطار موازنة المجلس القومى للأمومة والطفولة فيما يتعلق ببرامج تنظيم الأسرة.
■ نظم المجلس القومى للطفولة والأمومة العديد من الدورات التدريبية وقوافل رفع الوعى فى الكثير من محافظات الصعيد، ولكن ظل الصعيد هو الأعلى فى معدلات الإنجاب فى المسح السكانى الأخير 2014. ما تفسيرك؟
- المجلس القومى للأمومة والطفولة عمل فى أفقر المناطق، فبرامج تعليم البنات كانت فى أفقر سبع محافظات يرتفع فيها عدد الأطفال المتسربين من التعليم. كما عملنا فى أفقر المناطق التى تشتد فيها مشاكل التسرب من التعليم وزواج القاصرات وتراجع تسجيل المواليد والزواج وختان الإناث. وقمنا بالتعاون مع المشايخ والرائدات الريفيات، وبتقديم التدريب لأهالى القرى المعنية لتغيير هذه العادات. وتأثير ما فعلنا مازال موجودا فالمدارس صديقة الفتيات مازالت قائمة فى القرى شديدة الفقر. وأرجع الفضل فى ذلك إلى فكرة دمج المجلس القومى للسكان والأمومة والطفولة تحت مظلة وزارة واحدة، مما أدى لتوحيد الجهود والموارد تجاه قضايا السكان جميعها، إلا أن هذه البرامج توقفت بعد الثورة وحدثت انتكاسة كبيرة.
■ هل من الممكن تفادى ما يتنبأ به تقرير وزارة السكان بخصوص وصول تعداد السكان إلى 120 مليونا بحلول 2030؟
- هذا سيحدث لو استمر تسرب الأطفال من التعليم إلى سوق العمل بنفس المعدلات الحالية، وإذا ما استمرت بعض الأسر فى استغلال أطفالها باعتبارهم مورد رزق. وإذا استمر تزويج القاصرات، واستمرت الخدمات المقدمة لتنظيم الأسرة عاجزة عن جذب من يحتاج إليها. القضية السكانية لن تحل بين يوم وليلة، ولكنها تتطلب رؤية تترجم إلى خطط تتعاون فيها كافة أجهزة الدولة. وتتطلب نفسا طويلا ومثابرة فى العمل، ورصد وتقييم كل ما يتخذ من قرارات وما يوضع من أهداف.. أى وزارة مهما بلغت قوتها لن تحل هذه المشكلة بمفردها.
■ ذكر التقرير أن تزويج القصّر فى المناطق الفقيرة أحد أسباب الزيادة، هل تعديل المنظومة القانونية الحالية يساعد على الحد من الظاهرة؟
- القوانين وحدها لا تقضى على ممارسات استمرت لقرون وتجرى فى الخفاء، وأسر تشعر بضعفها أمام ضغوط اجتماعية. لابد من استعادة برامج التوعية ضد زواج الأطفال وتوضيح أنه يضر بمصلحة الفتاة وصحتها ويعرض طفلها القادم للخطر، ولابد من التوعية بمضار الزواج غير الموثق وأنه يهدر حقوق الأم والطفل.
■ كيف يمكن لمشروعات المؤتمر الاقتصادى أن تسهم فى حل الزيادة السكانية؟
- أتوقع أن تسفر المشروعات التى تم الاتفاق عليها فى المؤتمر عن تنامى الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر والتى تستهدف الشباب والنساء فى المرتبة الأولى. تنشيط القطاع الخاص سيخلق بيئة تنافسية محفزة للنشاط والإبداع، والبعد عن رتابة العمل الحكومى نتيجة تكدس الموظفين. هذه الرتابة تحبط الشباب الطموح المتطلع إلى العمل والاجتهاد.
الاهتمام بتعليم النساء مهم جدا لحل المشكلة السكانية، النساء المتعلمات يحرصن على تعليم أطفالهن ومساعدتهم على تخطى أية عقبات تواجههم، ونفس الأمر بالنسبة لزيادة معدلات مشاركة المرأة فى سوق العمل والارتقاء بالخدمات المقدمة للطفل والأم. دور الإعلام أيضًا مهم جدا وتعاونه أمر حيوى لتشجيع الشباب على التنافس فى القطاع الخاص بدلا من سكون العمل الحكومى.
■ هل قضية السكان كانت إحدى أولويات حكومات ما بعد الثورة؟
- لم تكن على أولويات الحكومات، والدليل ما قاله محمد مرسى أثناء ترشحه حول قضية ختان الإناث: أنه يرى أن تجريم الختان قانون متسرع، وغيره من أعضاء #البرلمان المنتمين إلى التيار الإسلامى الذين حاولوا إلغاء بعض المواد المتعلقة بتجريم ختان الإناث وتحديد سن الزواج، إلا أن المجتمع المدنى وقف أمامهم، وهذا نتيجة عملنا. إلا أن هذا المناخ أدى إلى إحياء الضغوط الاجتماعية على الأسرة فى كل قضايا السكان وحدثت الانتكاسة الكبرى.
■ ما رأيك فى استراتيجية السكان الحالية التى أعدتها وزارة الدولة للسكان؟
- عودة وزارة السكان خطوة جيدة على الطريق السليم. ووضع استراتيجية قومية أمر مطلوب وبداية صحيحة لعمل الوزارة. وعلى نفس القدر من الأهمية، يجب أن تتوفر الموارد المالية والبشرية والصلاحيات التى تمكن وزارة السكان من تنفيذ الاستراتيجية الجديدة. وأن تصبح القضية السكانية قضية دولة وليست وزارة دولة بمفردها.
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة