ألفة السلامي تكتب: "الدحيح" .. وإعلام لا نعرف عنه الكثير! (2)
ADVERTISEMENT
من يملأ الفراغ الذي يتركه أحمد الغندور بعد توقف برنامجه "الدحيح" على يوتيوب؟ استعرضت في مقالي الأسبوع الماضي قصة نجاح "الدحيح" ومهاراته التي هي بمثابة التوابل في طبخته الإعلامية ثم أشرت إلى عدد من التجارب الأخرى المميزة لصانعي المحتوى من الشباب المصريين على قنوات يوتيوب والذين لهم تأثير واسع حيث يحظون بمتابعة الملايين من جمهور وسائل التواصل الاجتماعي ومرشحين لاستقطاب عشاق أحمد الغندور (فانز).
وأتناول في مقالي اليوم تجارب أخرى مميزة ومؤثرة لكن على نطاق أوسع هذه المرة يشمل العالم العربي. وردا على بعض التعليقات التي كتبها بعض القراء على مقالي السابق، لابد من الإشارة هنا إلى أني لم أتطرق لكافة البرامج الناجحة وإنما ركزت على تلك التي تحظى بشعبية واسعة تقدر بالملايين بين فئة الشباب حيث أن الغرض الأول من الكتابة عن الدحيح وغيره هو استكشاف كيف يفكر الشباب في مسعى لفهمهم أكثر والدخول إلى مجرات كواكبهم عل ذلك يساعد في التواصل معهم بشكل أفضل بعيدا عن التصادم الذي يعتري هذه العلاقة.
لا شك أن "الدحيح" سيترك بصمته على يوتيوب العربي وقد نتردد لبعض الوقت عند القول أن بمقدور أي يوتيوبر أن يحل محله، لكن هناك قائمة تحوي عددا من صناع المحتوى لهم انتشار بين المتابعين العرب سيحاولون جذب عشاق "الدحيح" في الوقت الحالي إلى قنواتهم من خلال المواد الإعلامية المثيرة وطرقهم المبتكرة التي فقدناها تقريبًا بعد توقف الغندور.
اقرأ أيضًا.. ألفــة السـلامـي تكتب: "الدحيح".. وإعلام مؤثر لا نعرف عنه الكثير! (1)
القائمة واعدة بالأسماء وتضم محمد شرف الذي يقدم في قناته "شرفستاين" مادة علمية متشابهة من "الدحيح" تحوي معلومات متنوعة عن الكيمياء والفيزياء. بدأ شرف نشاطه في 2012 ولديه نحو 13.5 مليون متابع عربي ونحو نصف مليون مشترك بالقناة. وهو حاصل على دكتوراه فلسفة العلوم - الكيمياء والكيمياء الحيوية- من إحدى كليات العلوم بمصر. وهدفه تصحيح المعلومات الخاطئة التي قد يكون الطلبة أخذوها في المدارس.
كما تضم القائمة أيضا قناة "نست برودكشن" وتملكها شركة إنتاج إعلامي مصرية تعرف نفسها بأنها مستقلة وتركز على إنشاء محتوى تعليمي وترفيهي للجمهور الناطق بالعربية. لديها 150 ألف مشترك وملايين المتابعين وذلك بعد سنة فقط من بدايتها، حيث دخلت عالم يوتيوب في شهر مايو من العام الماضي (2019) وتقدم فيديو جديد كل يوم جمعة في العاشرة صباحا؛ ومن بين برامجها "دبابيس" للإعلامي ابراهيم الجارحي. و الأخير يقدم معلومات بطريقة مبسطة تناسب الكبار والصغار ويحلل الأحداث التاريخية الكبرى من زوايا متعددة بشكل مصور ويربطها بالأحداث الحالية. وتقدم القناة كذلك برنامج "قصة قصيرة" وهو مهتم بالقصص والموضوعات ذات الطابع التاريخي. كذلك تقدم القناة برنامج "الفولة" الذي يطرح لب الموضوع والدروس المستفادة من كل قصة.. يعني المختصر المفيد الذي يعشقه الجيل الشاب وهو ما لا يتوفر لدى غالبية الجيل الأكبر منه أي الآباء والأمهات الذين يعد التطويل والمط واللف والدوران أسلوب حياة لديهم! وهذا الاختلاف الجوهري في أسلوب التعامل بين الجيلين عيب خطير لابد من الاعتراف به ومحاولة إصلاحه إذا ما أردنا إيجاد مساحة مشتركة للحوار والتفاهم مع أبنائنا؛ ولست بمعزل عن هذا العيب، بل أعتبره كثيرا ما يحول بيني وبين أبنائي في توصيل الرسائل.
و شاهدت في رمضان الماضي حلقة حول فقدان الذاكرة على خلفية تكرار حوادث فقدان الذاكرة في المسلسلات الرمضانية الأخيرة. و"الفولة" تمثلت في تعريف فقدان الذاكرة بشكل علمي ومظاهر ذلك على فاقدي الذاكرة وهو ما يؤدي بنا إلى استنتاج مهم وهو أن المسلسلات لم يتوفر لها ذلك الفهم فتضمنت مغالطات ومعلومات خاطئة.
اقرأ أيضًا.. ألفة السلامي تكتب: المحنة .. والمنحة
أما عمر السبتاوي فيقدم في قناته محتوى مختلفا قليلا حيث يركز على كيفية التصرف بشكل عاجل في المواقف الحرجة و يعلَم مشاهديه ما يجب القيام به في حالات الطوارئ، مثل جرائم الابتزاز عبر الإنترنت، ورعاية المصاب حتى وصول سيارة الإسعاف وأكثر من ذلك بكثير. ويصف بنفسه المحتوى قائلا إنه بمثابة "الإسعافات الأولية التي تنقذ حياتك". ويحظى السبتاوي بشعبية كبيرة على المستويين المحلي والعربي منذ بدايته عام 2013 ولديه 100 ألف مشترك بالقناة وأكثر من 3 ملايين متابع على مواقع التواصل الاجتماعي. وأكثر ما لفت نظري أن السبتاوي لديه برنامج فريد من نوعه عن ذوي الإعاقة بعنوان "جرب تعيش حياتي"وتقوم فكرته على شرح كيفية حياة هؤلاء "الأبطال الحقيقيين " من خلال تجارب واقعية يقوم بمحاكاتها حيث يجرب كل مرة أن يعيش مكانهم ويكون واحدا منهم لمدة يوم كامل بإعاقة أو إصابة أو عجز معين وبالفعل يقدم بشكل عملي أمثلة حية نتعلم منها معنى الإصرار على النجاح.
"أسئلة نص الليل"هو برنامج مبني على فكرة طريفة وهي أن الإنسان ليس الشخص نفسه بعد منتصف الليل. فبعد أن تدق الساعة الثانية عشرة، ينتاب الكثيرين شعور بالحاجة إلى طرح أسئلة لم تخطر على بالهم عادة في وضح النهار. وبالتالي فالقناة مخصصة بالكامل لكل أسئلة الليل وآخره الغريبة التي قد تخطر على البال. القناة لديها 750 ألف مشترك وأكثر من 24 مليون متابع وحققت تلك الشهرة خلال عام ونصف العام فقط.
اقرأ أيضًا.. ألفـة الســلامي تكتب: شكل العالم بعد جائحة كورونا
أما قناة "فادي دادي" فهي مخصصة للمحتوى الفني المتميز بنقد الأفلام وبالتحديد الأخطاء التي ترتكب في صناعة الأفلام. والانطلاق من فكرة أن السخرية من الأفلام ، عربية كانت أو عالمية، أمر يوقظ العقلية النقدية لدى المشاهد خاصة إذا كانت تكشف الأخطاء "السخيفة". وستحب هذه القناة إذا كنت من هواة السينما. ويشترك فيها 110 ألف ولديها 35 مليون متابع وعمرها الآن 4 سنوات.
هذا عن اليوتيوبرز المصريين المؤثرين في محيطهم العربي. أما عن العرب فأعرض عددا من منشئي المحتوى المتميزين الذين يغيرون اللعبة من العالم العربي حاليا.
وأبدأ بعمر فاروق وهو مخرج بحريني ويعرض في مسلسله "عمر يحاول" مغامراته وهو يمضي في تجريب مختلف المهن والمواقف بدءا من سائق سيارة إسعاف في أحد الأيام مرورا بالتعامل مع ولادة طفل في اليوم التالي. وقد نجح في استقطاب 1.9 مليون مشترك على قناته. أما "ندار" فهي لبنانية مقيمة في الكويت اشتهرت بمقاطع الفيديو التي تتحدث فيها بطلاقة بلهجات عربية مختلفة على قناتها "نداريم" وتطرح بطريقة ساخرة قضايا اجتماعية ملحة في البلاد العربية مثل المرأة وحقوقها والتعليم والبطالة وغيرها.
وبالنسبة للسعودية فاطمة البناوي فهي "حكاءة" تتميز بموهبة في حكاية القصص المحفزة. وهي خريجة جامعة هارفارد وممثلة في الأصل لعبت دور البطولة في أحد الأفلام الروائية الأولى في المملكة. شاركت في تأسيس مسرح جدة عام 2010 وأطلقت "مشروع القصة الأخرى"، وهو منصة لرواية القصص على "انستجرام". وتسمح للسعوديين بمشاركة قصصهم الشخصية. ونجحت في تقديم صورة للمجتمع السعودي بأقصى درجات الحميمية والقرب، ودفعها هذا النجاح للتحضير لنشر كتاب يعرض القصص الأصلية المكتوبة بخط اليد والتي تلقتها وعرضتها. وتحظى بمتابعة 2.4 مليون شخص.
ومازلنا مع صانعات المحتوى من النساء، "آشيا" هي واحدة من أبرز منشئي المحتوى في المنطقة العربية، شابة كويتية، أم لطفلين، ورائدة أعمال أسست مع زوجها مدونة للأزياء وتدون حياتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما تستخدم منصاتها لإثارة القضايا التي تؤثر على الأمهات والنساء عامة في جميع أنحاء العالم العربي.
أنتقل لشاب إماراتي هو أنس بوخاش، متحدث تحفيزي، يعتبر أحد رجال الأعمال الرائدين في بلده. يُعرف بوخاش بمؤسس "الأخوة بوخاش" وأحد المؤسسين لنادي أهداف الرياضي ويتميز بإلهام طلاب الجامعات من خلال خطاباته. ويعتبر بين الأكثر شعبية وتأثيراً على "انستجرام" و"تويتر" ولديه ملايين المتابعين من شتى أنحاء العالم.
أخيرا، عمرو مسكون شاب سوري في بداية العشرينات وقد سكن بالفعل في قلوب الناس منذ عدة سنوات؛ يتابعه الملايين، يضحكهم ويعيد البسمة إليهم ربما أكثر من نجوم يعملون في الكوميديا لأكثر من نصف قرن. يجسد شخصية "أم تحسين" فنعيش من خلالها مشكلات وهموم الأمهات العربيات في نضالاتهن اليومية وأحيانا يجسد شخصيات نسائية ورجالية في نفس الوقت. وكان قد فر من سوريا التي مزقتها الحرب إلى فرنسا.
وربما من المهم في مقالات مقبلة التعرض لصانعي الألعاب (جيمرز) من المصريين والعرب للتعريف بهم وبعالمهم الذي لا يشك أحد في مدى تأثيره حاليا في عقول فئات عريضة من مجتمعاتنا.
[email protected]