تحيا مصر تتسائل.. كيف أصيب نواب البرلمان بـ"داء التناقض" .. يهاجمون الوزراء ويلتفوا حولهم .. يطالبون المواطن بالانضباط ويتغيبوا.. ورئيس البرلمان يحذر: كيف يراقب النائب الوزير وهو يقف امامه لتوقيع طلب؟
ADVERTISEMENT
وقع أعضاء البرلمان الحالي في مصيدة "التناقضات" التي تظهر من وقت لآخر في طريقة إدارتهم لشؤونهم النيابية، حيث تتزايد التساؤلات حول علاقة النواب بالحكومة والمواطن، وحتى الكيفية التي يتعاملوا بها مع بعضهم البعض، والتي يخيم عليها التضارب والتناقض.
موقف مزدوج
دأب نواب المجلس على مهاجمة وزراء الحكومة والمسؤولين ليلا نهارا، حيث يحركون ضدهم أدواتهم الرقابية العادية منها والخشنة التي تصل حد الاستجواب، ثم لايلبس النواب أن يسارعون لالتقاط الصور والالتفاف حول الوزراء عند مشاهدتهم مباشرة، وهو مارصده رئيس البرلمان علي عبدالعال أكثر من مره وحذر منه.
يقع النواب في هذه الحالة في فخ التناقضات، فالمتابع بدقة لهجومهم على الحكومة، ومطالباتهم التي تتخذ شكل تصعيدي في كثير من الأحيان، لايتصور قدر الحفاوة والامتنان والود الذي يفيض من أعضاء البرلمان تجاه الوزراء ونوابهم وكبار مسؤولي الحكومة.
نصائح مهدرة
يعتمد النواب في خطابهم إلى الشارع على النصائح التقليدية المتعلقة بجدوى الاجتهاد الشديد في العمل، والاتسام بالدأب في قضاء المصالح وتحقيق معدلات عالية من الانجاز، فلايكاد يخلو بيان مكتوب أو ظهور إعلامي وصحفي من تلك النبرة، وهو مايتحطم على صخرة الواقع في الجلسات العامة، والتي تشهد انحسار كبير ومحدودية في عدد النواب الملتزمين.
رئيس المجلس لايكل ولايمل من التطرق إلى هذه الجزئية أيضا، ويصل الأمر إلى إبراز رئيس المجلس لهذا التناقض، بقوله: سأكشف للرأي العام عن معدلات حضوركم، يجب أن يعرف الناس مدى المجهود الذي يبذله ممثليهم تحت القبة، بشكل عادل، ليتعرفوا على الدؤوب النشيط من النواب، و ذلك الذي لايلتزم بالمعدل المطلوب من الأداء.
ضجيج بلا طحين
يصدر النواب صورة يملؤها الحماس عن أعمالهم تحت القبة، حيث يظهرون حالة من التكثيف الفائق في النشاط التشريعي والرقابي والخدمي، ولكن في الواقع فإن مجهود حقيقي يتم بذله بتوجيه لاينقطع من رئيس المجلس، ولكنه ليس على الصورة التي يشيعها النواب.
حيث يثير الأعضاء الكثير من الضجيج والتأكيد على انشغالهم الدائم، ومواصلتهم للعمل ليلا نهارا، إلا أن المخرجات الصادرة عن ذلك تنافي هذا الانبطاع، فعادة مايدخلون للانعقاد في الجلسات العامة أسبوع واحد يليله عطله طويلة، بشكل يتكرر مرارا وتكرارا، حتى أن المجهود في اللجان آخذ في الانخفاض، ليقعوا في تناقض الطحين الذي لايلائم الضجيج الهائل.
متلازمة المعارضة
يدفع النواب على الدوام بكامل احترامهم للمعارضة النيابية تحت القبة وحقوقها، وهو مايثبت الواقع الفعلي عدم صحته تماما، حيث يسارع النواب في الأغلبية إلى الهجوم الكاسح على المعارضة ممثلة تحديدا في إئتلاف 25-30 البرلماني، بما لايناسب مع التصريحات الإعلامية عن الصدر الرحب الذي يتعامل به نواب الأغلبية مع نظرائهم من المعارضة.